بقلم – جلال الدين محمد
لم أكن أتخيل أن يغدر بي الشاي، ذلك المشروب الذي صاحبني لسنوات وسنوات. في العمل وعلى المقهى وخلال المذاكرة، وأثناء سهرة أشاهد فيها فليمًا ممتعًا أو مباراة كرة قدم، أصبحت الآن مجبرًا على هجره لتفادي مشكلة صحية.
أعددت الينسون بدلًا منه، وفتحت جهاز اللابتوب الخاص بي، إذ يجب علي العمل على تحسين سيرتي الذاتية، وتطوير عينات العمل الخاصة بي للتقديم على فرصة عمل جديدة، وهناك عثرت على الحيتان.
ذلك هو الترجمة العربية لاسم أول شركة عملت معها بعد تخرجي، والحق يقال أنها كانت تجربة بنكهة القرنفل في كل تفاصيلها. كيف ذلك؟ دعني أشرح لك.
كان مديري السابق يُفضل احتساء الشاي بنكهة القرنفل، وامتلأ مطبخ المكتب بأكياس الشاي بهذه النكهة، حتى أنه دعاني إلى احتساء قدح من ذلك الشاي عقب اجتيازي مقابلة العمل بنجاح.
وهكذا عملت على كتابة المحتوى لعملاء الشركة. محلات عطارة، ومستشفى ولادة، وأخرى متخصصة في طب الأسنان، حتى أني شاهدت مسلسلًا أجنبيًا على لاب توب الشركة، وبعض مباريات كرة القدم، بينما اتناول الشاي الممذوج بالقرنفل في نهم.
وتوالت الأخطاء حضرت إلى مقر العمل متأخرًا؛ لأني نسيت أن اسأل عن موعد بدء الدوام وظننت في الأمر مرونة، لأتوجه رأسًا إلى المطبخ لاحتساء ذلك مشروبي المصحوب بالقرنفل، وكنت أرحل قبل الموعد لأني نسيت أيضًا السؤال عن موعد نهاية الدوام، وخلال هذا الوقت كنت اتناول الكثير من الأكواب من المشروب الذي صرتم تعرفونه الآن.
حتى في اليوم الذي تم تثبيته وزاد راتبي، تأكدت من أن هذا الراتب هو لي؛ لأنه لم يخبرني أحد بأمر الزيادة وخشيت أن أكون حصلت بالخطأ على راتب واحد من زملائي فأسبب له مشكلة، الأمر الذي تمت ترجمته على أني أسخر من الراتب وهو ما لم يحدث. لكني أتفهم ذلك، فمع ملامحي النائمة تمامًا، وصوتي غير الواضح، والطريقة التي أمسكت بها الظرف، يمكنني أن التمس لهم العذر.
وعليه تم توجيه الشكر لي على الاستمرار في الشركة وبقيت لفترة بدون عمل. ألم أخبركم؟
لم يكن من المفترض أن اتناول كل أطنان القرنفل تلك، فنظام الشركة كان أن يحضر كل موظف مشروبه الخاص معه ويتناوله في الدوام، ولم يكن ذلك القرنفل أبدًا للاستخدام العام.
لما لم يخبرني أحد يا جماعة الخير؟!




