مقالات

من الشراكة إلى التبعية : قراءة في أكبر تنازل اقتصادي أوروبي منذ الحرب العالمية

✍️ يوحنا عزمي 

صفعة مارشال الجديدة : كيف خضعت أوروبا للهيمنة الاقتصادية الأمريكية؟

ما جرى مؤخراً بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي لا يمكن وصفه باتفاق تجاري عادي .. بل هو أكبر تنازل اقتصادي تقدمه أوروبا لواشنطن منذ “خطة مارشال”.

 فرنسا قالتها بوضوح : مافيش شراكة … في خضوع. أوروبا سلمت مفاتيحها لأمريكا بإيدها.

 بنود الصفقة الجديدة :

 فرض واشنطن رسوم جمركية 15% على صادرات أوروبية أساسية:

السيارات ، قطع الغيار ، الأدوية ، التكنولوجيا الحيوية.

 فرض 50% رسوم على صادرات الحديد والألومنيوم الأوروبي ، ما لم تلتزم الدول بحصص تحت الرقابة الأمريكية.

 إلزام أوروبا بضخ استثمارات بقيمة 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي ضمن ما سُمي بـ”مبادرة إعادة بناء الثقة”.

التزام أوروبي بشراء طاقة أمريكية (غاز ونفط) بقيمة 750 مليار دولار خلال 5 سنوات، مقابل وقف الاعتماد على الغاز الروسي.

 النتائج الكارثية :

1. عودة سطوة الدولار عالميًا :

ضخ مئات المليارات من أوروبا في السوق الأمريكي يعزز الطلب على الدولار.

ارتفاع حاد في قيمة الدولار أمام العملات الأخرى.

2. فقدان أوروبا لاستقلالها الاقتصادي :

فكرة “التحالف المتوازن” انتهت.

أسواق المال الأوروبية شهدت تراجعاً جماعيًا ، بانخفاضات وصلت إلى 8% بيوم واحد.

ارتباك داخلي حاد في ألمانيا وفرنسا.

 ليه أوروبا خضعت ؟

1. أوروبا في أسوأ حالاتها الاقتصادية :

تضخم مرتفع.

أسعار طاقة مرهقة بعد حرب أوكرانيا.

تباطؤ شبه تام في النمو خاصة بألمانيا وفرنسا.

سلاسل التوريد مضروبة.

2. ارتهان أمني لأمريكا بسبب أوكرانيا :

واشنطن هي الداعم العسكري الأول لكييف.

أي غضب أمريكي .. كسب فوري لروسيا على الأرض.

3. أمريكا استخدمت سلاح الطاقة بذكاء :

بعد قطع الغاز الروسي ، أصبحت أمريكا المورد البديل.

بأسعار أعلى ، وشروط أشد ، جعلت أوروبا رهينة.

4. “جزرة اقتصادية” أمريكية :

وعود بالاستثمارات ، وتسهيلات تجارية ، وأسواق مفتوحة .. لكن على الطريقة الأمريكية.

أوروبا وقعت في “فخ الهيمنة” وهي تظنها فرصة للنجاة.

5. غياب القيادة الأوروبية :

خروج ميركل ترك فراغاً.

ماكرون ضعيف محلياً.

الإتحاد الأوروبي مشتت ومنقسم. فدخلت أوروبا التفاوض من دون موقف موحد أو ورقة ضغط حقيقية.

 الخلاصة : أوروبا وافقت مش حباً في الصفقة ، لكن لأن البديل كان أشد سوءًا :

انهيار داخلي.

عزلة سياسية.

خسارة الدعم العسكري الأمريكي.

 ومصر والدول النامية؟

أي ارتفاع في قيمة الدولار = كارثة :

ضغط متزايد على الجنيه.

ارتفاع كلفة الاستيراد وسداد الديون الدولارية.

انخفاض فرص الاستثمارات الأوروبية في مصر لصالح السوق الأمريكي.

 الكلمة الأخيرة : هذه ليست صفقة .. بل إعادة رسم لخريطة الهيمنة الاقتصادية العالمية.

وأي دولة لا تحمي استقلالها الاقتصادي .. ستدفع الثمن طويلًا ، بالسنين ، وبالأجيال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!