ابداعات

أجلسُ بجانبها

أحمد مصطفى

أجلس بجانبها
متأمِّلا رقّتها
أجلس بجانبها
ولا تلفت عينيّ لما بجانبها
أحببت كل جوانبها
كل خصلة شعر
كل لؤلؤة
كل همسة تهمسها
هواء فمها المنقّى
أعتقد أنه بديلا للأكسجين
لأول مرة أحب فكرة أنني سجين
كبّلي يديّ بجسدك
وانزعي عني الحياء وعنكِ
بقبلة على وجنتي
أقول بعدها هل دخلت جنّتي؟
وانزعي الخوف عني وعنكِ
بحضن يتمصّ مخاوفي
ويزيدني حسنًا وجمالًا
وانزعي الخوف عني وعنكِ
قولي أحبك أيامًا وأسابيعًا وشهورًا
وأبادلك إياه سنينا وعقودًا وقرونا
أنا جثّة هامدة
تريدُ أن يكون قبرها أحضانك
أنا روح متهالكة
تريد أن تسترجع بريقها من حبال أصواتك
وتسألني في تعجب
لماذا تمشي خلفي دائمًا
فأندهش كيف لا ترى
بساتين القمح والفل والياسمين
والنرجس واليقطين
والهياكل المسكَرة التي أراها
في ذرات تراب خطّت عليه
ولا تزال تسألني
لماذا أُغرم بتفاصيل ساقِها
هذه تفاصيل لو فرّقت على الكون بأكمله
لأصابهم الجنون
لأصابهم الجنون
أجلس بجانبها
فأنزِعُ غطاء الحياء عني
وأزيل النّقاب الشرقيّ
لأُغرم بجمال بدويّ
تمدّ يدها لأقبلها
فأعتذر لها ألف اعتذار
فأنا لستُ مستعدًّا للتقبيل
فإنني لم أجد شيئا في بلدتي من هذا القبيل
تمدّ يدها لأقبلها
فأعتذر ألف اعتذار
فأنا لستُ مستعدًّا للتقبيل
أخشى إن قبّلتُك واحدة
أفقد حياتي الواحدة
أخشى إن قبّلتُك اثنتان
أفقد عقلي من هذا الجنان
وإن زدتهم بثلاثة
فإنني قد أُصاب بلعنة المثالية
ويظهر عليّ الحداثة
وإن جئتُ بأربعتهم
أكونُ قد أتممتُ حصّتي من الزواج
وأخشى ألّا أعدل بينك وبينك وبينك وبينك
حتّى أتممتهم بمائة
سأفقد شغفي تجاه الحياة
ولا أحبُ أن أفقد شغفي تجاهك
أجلسُ بجانبها
فيقول الكرسيّ
دعني وحدي مع هذه
دعني وحدي مع من لا وصف لها
ليتني من سكان بلدتها
وهو كرسيّ
فما بالكُ بقلبي؟
ليتني حنجرة تنطقين بها كلماتك
أو يدًا تمسكين بها
فأعيش بدماء جمالك
أو فمًا تقبّلين به
وليتك تكونين وجنتيّ
فلن أكفّ عن التمتّع
وتكفّين عن المقاومة
أجلس بجانبها
وكل هذا بخيالي
فتسألني هل أنت بخير؟
فأجيب
ومن يكون بخير إن رأى ما رأيتُ بخيالي؟

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!