مقالات

الهدف الإستراتيجي للحرب الإسرائيلية علي غزة

✍️ يوحنا عزمي

الصراع يحتدم ويتفاقم بين مجموعة الوزراء المتطرفين في حكومة نتنياهو الذين يتزعمهم ايتمار بن غفير وبتسلئيل سيموتريتش ، ومعهم عدد من النواب اليمينيين المتشددين في الكنيست ممن ينتمون إلي التيار الديني المتطرف وكتلة الليكود التي يتزعمها نتنياهو ، وبين وزير الدفاع يوآف جالانت الذي يطالب هؤلاء الوزراء والنواب باقالته بدعوي فشله في إدارته للحرب في غزة ، ولعدم التزامه بتنفيذ أوامر وتعليمات رئيس الوزراء إليه حول   ما يجب ان تكون عليه إدارته لهذه الحرب.

ما يرفضه الوزير جالانت ، وهو من العسكريين المحسوبين علي جناح المتشددين في هذه الحكومة اليمينية المتطرفة ، هو ان احتلال غزة والبقاء فيها لأجل قد يطول ، سوف ينهك الجيش الإسرائيلي في حرب استنزاف شرسة وطويلة ضد المقاومة الفلسطينية المسلحة ، وان هذا الاستنزاف سوف يشتت تركيزه ويغير له اولوياته ويضعف من قدرته علي القتال في الجبهات الأخري التي قد تضطره الظروف إليها ، ويحذر جالانت من اي محاولة من جانب نتنياهو لإقامة إدارة مدنية في غزة تحت السيطرة المباشرة لإسرائيل سوف تكون لها تداعياتها السيئة مستقبلا لانها سوف توحد الفلسطينيين بكل فصائلهم ضدها ، وقد تفجر موجة جارفة من العنف المسلح في غزة سوف تخسر إسرائيل فيها الكثير مما يمكنها تجنبه فيما لو انها تخلت عن هذه الفكرة وبحثت  لها عن بديل آخر اقل تكلفة في خسائره وتبعاته.

ويؤكد جالانت ان الجيش الإسرائيلي ما يزال عند وعده وسوف يفي بالالتزام الذي قطعه علي نفسه بالعمل بكل السبل الممكنة لإعادة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدي حماس إلي ذويهم وبعدها يمكن التفاهم علي ما سوف تكون عليه الأوضاع في غزة في اليوم التالي للحرب .. هذا هو تلخيص لموقفه في الجدل الدائر اليوم حول وضعه في الحكومة الإسرائيلية الحالية علي ضوء النتائج التي تمخضت عنها الحرب علي غزة حتي الآن.

فكرة اليوم التالي للحرب علي غزة لم تعد مطروحة ولا مقبولة من قبل نتنياهو ومن يدورون معه في فلكه من الوزراء والنواب المتشددين ، فبن غفير ينسب إلي جالانت تهمة الفشل في إدارته للحرب ربما لأنه لم يبيد غزة ويمحوها تماما من الوجود وفق ما كان متفقا عليه بينهم في بداية هذه الحرب ، وسيموتريتش يقول عنه انه كشف بتخاذله في ادائه لمهامه وبمعارضته لإدارة إسرائيل لغزة بعد توقف الحرب ، أنه يقف عمليا مع إقامة دولة فلسطينية وهو ما تعارضه إسرائيل ولن تسمح به ، وهذا الجدل الذي يقوده المتطرفون من الوزراء والنواب يكشف بوضوح ان مخططهم في غزة يذهب ابعد بكثير من مجرد تأمين عودة بضع رهائن محتجزين لدي حماس ، وان محوره الرئيسي والأهم هو اخلاء غزة وتفريغها من سكانها لاحلالهم بالمستوطنين والمستوطنات اليهودية بوتيرة انجاز قياسية وبكثافة بشرية غير مسبوقة لتصبح غزة بعدها اثرا من الماضي وهو ما يعني نسف حل الدولتين من أساسه ..

هذا هو الهدف الإستراتيجي الحقيقي لهذه الحرب والذي يتصور كل هؤلاء ان جالانت اخفق في إدراكه والتصرف علي ضوئه بما يجعل منه حقيقة واقعة .. ولهذا يسعون إلي إقالته واحلاله بوزير آخر يكون اكثر انصياعا لهم وانقيادا لمخططاتهم. وهو ما يعني أنهم لن يتركوا غزة تحت اي ضغط.

ولا اشك في أنهم سوف ينجحون في الإطاحة به والتخلص منه ، ولأن الحرب في غزة هذه المرة ليست كالحروب التي سبقتها عليها فالمخطط رهيب في أهدافه وابعاده ، والقوي التي تدعمه في الداخل والخارج معروفة ولن تغير مواقفها ، وذلك في ظل صمت دولي تام وعجز عربي غير مسبوق ، وهذا هو اكثر ما يحفز هؤلاء المتطرفين علي مواصلة هذه الحرب لتضع النهاية التي يحلمون بها لغزة مرة واحدة وإلي الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!