مقالات

مسؤولية الحكومة

✍️ يوحنا عزمى

يدور هذه الأيام نقاش صحي، هدفه الواضح تحقيق النفع العام…

هذا النقاش محوره الحكومة المصرية أو يد السلطة التنفيذية الفاعلة التي تقود الجهاز البيروقراطي للدولة وتنفيذ خطط التنمية من خلاله.. سبب الجدل هو اقتراب موعد تشكيل حكومة جديدة أو تشكيل الحكومة من جديد تنفيذا لمواد الدستور التي تقضي بأن يُكلف السيد رئيس الجمهورية حكومة جديدة في بداية فترته الرئاسية الجديدة.. تدور أسئلة شتى مثل..

هل مسئولية الحكومة تضامنية أم فردية ؟

بمعنى هل يتحمل كل وزير مسؤولية وزارته ؟

أم أن الوزارات كلها متضامنة ورئيس الوزراء مسئول عن أداء كل وزير فيها ؟..

هناك سؤال آخر.. هل الحكومة مسئولة عن الأوضاع التي يصل إليها المجتمع سواء سلبا أم إيجابا ؟

أم أنها مجرد منفذ لسياسات أعلي وبالتالي لا يجب سؤالها ولا حسابها ؟

لاحظت أن أكثر من يروجون لفكرة عدم مسئولية الحكومة هم الهاربين للخارج أو تجار القمامة الإلكترونية كما اسميهم انا ولا شك أن ترويجهم لهذه الفكرة وراءه دافع سياسي خبيث وليس بكل تأكيد بدافع التعاطف مع الحكومة.

وليست صدفة أن يكون الرأي الذي يتبناه الهاربون للخارج رأيا فاسدا ومضللا وضارا بمصر أشد الضرر وإلا لمًا روجه تجار القمامة الإلكترونية وسعوا إلي نشره وتعميمه.

وبادئ ذي بدء لابد أن نقر أن للنظام السياسي في مصر طبيعة خاصة تأكدت منذ قيام دولة استيطانية عنصرية عسكرية على حدود مصر الشرقية الشمالية عام ١٩٤٨،  وقد أدى هذا الميلاد إلي ميلاد آخر هو ميلاد الدور السياسي للجيش المصري في الأربعينات.

وهو ميلاد بدأ بوعي القيادات الوسيطة في الجيش به عقب نكبة ١٩٤٨ وتأسيسهم تنظيم الضباط الأحرار، وتاكد بوعي المجتمع به ومباركته حركة الضباط الأحرار وتأييدها تأييداً حولها من حركة إلى ثورة.

وقد دفعت فصول الصراع العربي الإسرائيلي بفكرة دور الجيش في السياسة إلى أن تصبح قاعدة في كثير من الدول العربية اقتداء بمصر وسيبقى دور الجيش في القيادة والحفاظ على أمن مصر طالما استمر هذا التهديد الصهيوني العنصري العسكري موجودا علي حدودنا ومادام رفضه يسكن قلوبنا.

وقد اضطلع رؤساء مصر التاريخيين بادوارهم كاملة وفق ظروف عصرهم ومن لم يستمد منهم شرعيته من ثورة يوليو ١٩٥٢ استمدها من انتمائه للقوات المسلحة المصرية ومشاركته في معاركها المختلفة ضد إسرائيل.

ثم حدث تقادم أفضي إلى فراغ، وتخلخلت أسس الشرعية حتى أعادها الشعب والجيش معا في ٣٠يونية ٢٠١٣ وقد كان هذا ومازال خيار المصريين وما يؤمنون به وما يرتاحون له رغم أية مصاعب وقد حمل الرئيس السيسي الأمانة بكل شجاعة وإصرار وتحمل وأبدع في مجالات كانت علي حافة الخطر إبداع الخبير والقدير وأبن المؤسسة العسكرية فأعاد الأمن وقهر الإرهاب وأعاد بناء قدرات الجيش المصري وادار سياسة مصر الخارجية باقتدار لم يحدث منذ الستينات رغم اختلاف الظروف.

أما على المستوى الداخلي فقد ايقظ حلم المصريين في النهضة ووفر للحكومات المختلفة ومنها الحكومة الحالية كل تمويل طلبته واستخدم شعبيته في إقرار كل التشريعات التي رأتها الحكومة لازمة للعمل.. ولكن البعض يرى أن الحكومة لم تكن على قدر الكفاءة اللازمة لتنفيذ رؤية الرئيس.

وأنها أهملت ملفات على حساب ملفات أخرى.. وإن الملفات التي أهملت عادت لتنفجر في وجوهنا اليوم ويحمل البعض مسئوليتها للرئيس.

علي سبيل المثال.. أعلن الرئيس منذ أربع سنوات عن دعم  المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ووجه الحكومة والبنوك بتوفير القروض اللازمة لصغار المستثمرين.

وكانت الفكرة أن يتحول كل مصري إلى صاحب مشروع، وكل باحث عن وظيفة إلى رائد أعمال، وأن يتحول كل مواطن إلى مساهم في زيادة الناتج المحلي من خلال سلعة ينتجها أو خدمة يقدمها، وأن تغني أرباح هذه المشاريع المواطن عن الدعم الذي تم رفعه وعن الوظيفة الحكومية التي لم تعد متاحة..

والسؤال الآن..

هل نجحت الحكومة في نشر المشروعات الصغيرة والمتوسطة بين المصريين ؟.. كم مشروعا تبنت ؟.. وكم قرضا قدمت ؟ وكم من هذه المشاريع نجحت ؟.. وإذا كانت المشاريع قد نجحت فلم مر كل هذه الشكوى من قلة الدخل وارتفاع الأسعار ؟

إن الرئيس يقدم الحكومة رؤية ناجحة.. لكن الحكومة تفشل في تنفيذها.. وبالتالي فإن النتيجة ليست مرضية.. وبالتالي فإن علينا أن نبحث عن حكومة تستطيع تنفيذ رؤية الرئيس.

أن دور أي حكومة أن تطلق قوى المجتمع الحية والكامنة وأن توفر الفرصة لكل مصري أن ينجح وأن يضيف للناتج القومي بطريقته.

وهذه هي رؤية رئيس الجمهورية.. فإذا فشلت الحكومة في تنفيذها فهي حكومة فاشلة.

دون أي التفاف أو تجميل.. هل نجحت الحكومة في تنفيذ رؤية الرئيس أم فشلت ؟.. هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!