مقالات

من وراء سقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي

✍️ يوحنا عزمي

الإعتقاد الذي بدأ يروج في العالم الآن هو ان حادثة مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي التي لقي فيها مصرعه مع وزير خارجيته وعدد من كبار مرافقيه لم تكن من تدبير الأقدار كما تبادر إلي الأذهان في البداية ، وانما حدثت بفعل فاعل وبتدبير مسبق وان وراءها مخططين ومنفذين لم تتكشف هوياتهم الحقيقية بعد.

وتصور هذه الحادثة المروعة وغير المتوقعة بأنها مدبرة يحمل العديد من التفسيرات والاحتمالات ، اولها هو ان تكون من تدبير قوي متصارعة علي السلطة في الداخل الإيراني مع تقدم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية خامنئي في السن ، وتراجع قبضته علي ناصية الحكم، وان هناك من بين القوي المتصارعة علي خلافته من سعوا إلي حذف رئيسي نهائيا من المشهد كخليفة محتمل لخامنئي ، وإذا كان هذا هو الدافع الحقيقي المحرك لعملية تصفية الرئيس الإيراني ، فإنه لا يستبعد هنا ان تكون قيادات الحرس الثوري الإيراني نفسها هي التي خططت لهذه العملية واوكلت تنفيذها لاجهزتها السرية المنغلغلة في كل مفاصل الدولة الإيرانية من اعلاها إلي ادناها ..

أما عن اسباب عدائها لرئيسي فهو لأن اعتدال مواقفه وسياساته هو ووزير خارجيته عبد اللهيان وانفتاحهم  علي العالم الخارجي بهذه الدرجة العالية من المرونة والتفهم والتجاوب ، لم تكن تروق لقيادات الحرس الثوري المتشددة او التي بنت سمعتها في إيران وفي المنطقة والعالم علي التشدد في المواقف والتصلب في السياسات.

ولا اريد ان اقول ان الحادثة كانت بإيعاز من المرشد الأعلى نفسه لتجاوز رئيسي بعض الخطوط الحمراء التي كان محظورا عليه او علي غيره الاقتراب منها ، وبخاصة في مجال السياسة الخارجية وعلاقات إيران الدولية وترك لقيادات الحرس الثوري التي تدين له بالولاء والطاعة العمياء مهمة التنفيذ باعلي درجات السرية والتكتم والتعتيم ، ولتبدو الحادثة في النهاية وكأنها     من صنع الأقدار وحدها .. وهو ما يعني غلبة الجناح المتشدد في أجهزة السلطة الإيرانية عند هذه المرحلة الحرجة من تطور الأوضاع الداخلية في إيران وفي المنطقة بشكل عام ، علي الجناح المعتدل الذي يمثله َويقوده الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي ومجموعته.

او ، وهذا احتمال آخر ، ان تكون الأجهزة الأمنية الإيرانية حتي تلك المسئولة عن تأمين سلامة الرئيس الإيراني نفسه ، مخترقة من قبل الموساد الاسرائيلي ، وانه من خلال عملائه استطاع تلغيم الطائرة ، او من زرع ما يمكن ان يؤدي إلي التشويش علي أجهزة الإتصال والاستغاثة فيها او لافقاد قائدها قدرته في السيطرة عليها وهو ما ادي إلي ارتطامها بأحد الجبال الصخرية واحتراقها ومصرع كل من كانوا علي متنها ، وهي عملية مخابراتية مدروسة ومخططة بعناية فائقة حتي لا تترك اثرا وراءها يمكن الاستدلال به علي الفاعل الحقيقي لها.

اما إذا كانت هذه الحادثة بفعل تدخل خارجي لاجهزة معادية لإيران ونقصد بها هنا تحديدا ، اجهزة مخابرات إسرائيلية بالتنسيق والتعاون مع نظيرتها في اذربيجان علي نحو ما يقال ، وانهم هم من زودوا الإسرائيليين بالمعلومات الدقيقة عن كافة التفاصيل المتعلقة بهذه الرحلة وعن الطائرة الرئاسية نفسها بكل عيوبها ونقاط الضعف فيها وتركوا لهم اختيار الطريقة المناسبة في التعامل معها لاسقاطها او لتدميرها لارباك الأوضاع السياسية الداخلية في إيران وتازيمها اكثر ، فيبقي      هذا احتمالا آخر يجب عدم استبعاده.

لا زال سر هذه المروحية المنكوبة سرا غامضا يسمح بالكثير من التخمينات والتكهنات والتفسيرات التي تذهب بالمحللين السياسيين والامنيين في كل اتجاه حتي وان بدا بعضها غير معقول او مبالغا فيه .. لكن طبيعة النظام السياسي الإيراني كنظام مغلق وهو وحده من يعرف ما يجري في دهاليزه واروقته الداخلية ، هي التي تطيل امد التوصل إلي الحقيقة .. وقد ياتي علينا يوم قريب ينكشف فيه لغز هذه الطائرة المنكوبة ومن كانوا وراءها ، هذا اذا لم تكن من تدبير البشر وليست من صنع الاقدار وحدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!