أخبارمقالات

محاور ومرتكزات الحوار الوطني من وجهة نظري

✍️ يوحنا عزمي

بداية .. هل للحوار الوطني أهمية ؟

أكيد .. بل من الممكن أن يتحول إلى قوة دافعة هائلة إن أحسن تحديد موضوعاته وكذلك إختيار شخوصه بعناية وقبل ذلك كله توفر النية الصادقة للإصلاح والتغيير من شأنه أن يزيل الاحتقان ويقرب الأفهام.

أيضا هو كاشف ممتاز للأفكار والنوايا وقدرات المشاركين فيه.  رأيي أنها فرصة تاريخية لا تعوض  لإصلاح المسار برمته وليس الاقتصار على مناقشة موضوع الحريات وحق التعبير فقط.

أما إعتماد أسماء مشبوهة لها سمعة سيئة وتاريخ ملطخ كما تردد فأمر لا يبعث على الأمل بل وقد يقضي على الحوار قبل أن يبدأ. مطلوب بشدة لزيادة المناعة الداخلية وتقوية الجبهة الداخلية ضد أعداء الداخل والخارج معا. الجميع يعلم أن هدفهم النهائي هدم الدولة المصرية وتفكيكها ..

يتم بالتشكيك المستمر في كل إنجاز يتحقق ومحاولات نشر اليأس والإحباط بين الناس ، الغرض منه هز وخلخلة الأعمدة التي تقوم عليها الدولة “الجيش – مؤسسة الرئاسة – القضاء – المجلس النيابي الإعلام .. إلخ”، ليصبح من السهل دكها وهدمها في لحظات بعد أن يترك السيسي الحكم حدث بالفعل مع دول كبيرة من قبل.

الرئيس السيسي نفسه كان أحد أهم أسباب إفشال أو وقف هذا المخطط أو تأجيله بمعنى أصح .. لكنه       لن يخلد في الحكم وسيتركه إن آجلا وعاجلا.

من الأفكار التي اعتقد أنها لو طرحت ونوقشت بجدية بوساطة لجان فنية متخصصة وتم التوصل فيها إلى اتفاق ترفع من خلاله توصيات محددة إلى الرئيس والحكومة ومجلسي التشريع فإنه قد يساعد في إنجاح الفكرة :

١ – الحريات وممارسة الحقوق السياسية :

موضوع مهم لكن ليس الأهم .. فحياة الناس وأمورهم المعيشية أولى بكثير .. ومع ذلك هو أكثر الموضوعات إثارة للجدل وطرحا للرأي العام والورقة الأكثر استخداما لمهاجمة الدولة المصرية في الداخل والخارج معا بمعاونة عدد من نشطاء الداخل من شديد الأسف .. ربما هذه النقطة تحديداً كانت الدافع الأكبر لإقامة مثل هذا الحوار من الأساس.

٢- اسأل : هل يمكن لأحد وضع تعريف جامع مانع لحرية الرأي والتعبير .. وما حدودها ؟

ومن الذي يفصل إن كان الكلام يندرج تحت بند حرية الرأي أو أنه للتحريض والإثارة وتعريض السلم المجتمعي للخطر ؟ .. ومتى يُمكن اعتباره حقا مكتسبا ومتي يمكن اعتباره جريمة ؟ .. أيضا هل هناك خط واضح يحدد الفارق بين الرفض الشعبي والقهر الرسمي .

الموضوع إذن ليس سهلاً كما يتصور البعض ، بل إن    هذه المفاهيم ذاتها التي ينتقدنا فيها الآخرون يوجد      لها خلط عجيب في أعتى الديمقراطيات التي تتعامل بقسوة شديدة على من تعتبرهم تجاوزا الخطوط الحمر في موضوع حرية الرأي والتعبير تحديداً .

– رأيي أن ما نراه من ترويج للشائعات ونشر المغالطات بشكل ممنهج ومنظم يهدف إلى الإثارة والتأثير على معنويات الناس لذلك لا يمكن اعتباره مندرجاً تحت بند الحريات وحق التعبير .. هذا كذب وتدليس.

– ناهيك عن نشر أفكار تروج للشذوذ الجنسي تحت دعاوي حقوق الإنسان وإحترام الحريات.

– وجهد لا يتوقف لمحاولة لفصل الشباب عن عقيدتهم ودفعهم دفعاً إلى عدم إحترام قيمهم الدينية الإسلامية والمسيحية معا يوجد محاولات مستميتة لهز الثقة في مؤسساتنا الدينية التي هي جزء لا يتجزأ من الشخصية المصرية.

– التشكيك المتعمد في ثوابتنا التاريخية ورموز عزتنا وقادتنا الأبطال وتحويل النصر إلى هزيمة .. هناك من يتحدث عن نصر أكتوبر العظيم على أنه مؤامرة وهزيمة.

فهل يعقل إعتبار أن هذا الفكر الضال المنحرف يندرج تحت بند حرية الرأي والتعبير.

٣- من المعارض الجدير بالمشاركة والحوار ؟

الذي يؤمن بهذه الأفكار ويتصف بالصفات التالية :

– أمن وسلامة الوطن عنده مقدم على كل الأشياء.

وعندما يكون الوطن في حالة حرب يجب أن تكون المعارضة في أدنى مستوياتها.

– يرى كل الألوان .. فليس من الإنصاف أن يرى السواد فقط ولا يذكر الإنجازات الكبيرة الواضحة.

– من حقه إنتقاد الرئيس .. لكن ليس من حقه أن يطالب بتغييره لأنه من سلطة الشعب الذي انتخبه وليس من مهام المعارضة.

– انتقاد الأداء الحكومي كما شاء فذلك من صلب اختصاصه .. بل ومن حقه أن يطالب بتغيير رئيس  الوزراء والوزراء والمحافظين وكافة المسئولين.

– النقد الإيجابي دائما هو الذي يطرح البدائل والحلول وهو الذي يكسب المعارض صفة الإحترام.

– توفر النزاهة والشرف والضمير الوطني .. فلا يجب      أن يكون ممولاً أو موجها من جهة خارجية أو يعمل لصالح قوى معادية هنا لفظ ” خائن ” قليل عليه ولا   يمكن تسميته بالمعارض أبدا.

– من حقه أن يشارك في رسم السياسة العامة للبلد ووضع الخطط وتقديم النصيحة .. لكن من خلال الحزب الذي يعمل تحت رايته أو من خلال قناته التليفزيونية أو صحيفته .. فليس له صفة رسمية.

– يجب أن يكون جاهزاً لتولى الحكم من خلال برنامج واضح ومعلن للجميع .. فلديه كوادره المعروفة للجميع  كل في اختصاصه.

– المعارض الذي ليس منضما إلى حزب ويكتفي بالمعارضة فقط من خلال صفحات التواصل أو بالكتابة في الصحف أو المشارك في الحوارات التليفزيونية من حقه أن يقول ما يشاء .. لكن من دون تجاوزات لفظية أو إلقاء التهم جزافا أو الكذب والإدلاء بمعلومات غير صحيحة .. أيضا ليس من حقه التشكيك في الذمم والأعراض دون وجود دليل واضح.

– المعارضة ليست جريمة .. مخالفة القانون فقط هي الجريمة.

وهذا بعض من الأفكار والموضوعات التي أعتقد أن تناولها والتركيز عليها يمكن أن يسهم بشكل فاعل في إحداث نقلة نوعية حقيقية :

١ – تغيير الدستور :

البداية من هنا .. فلابد من تعديل آلية تغيير نص دستوري أو حتي الدستور كله اعتبار تصويت 5% من كتلة المصوتين تصديقا شعبيا له قداسته لهو أمر مضحك بأمانة .. يكفي جدا تصديق ثلثي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ على التعديل أو التغيير .. أليسوا هم من يمثل الشعب ؟

أيضا لابد من اختصار مواد الدستور بنصوص باتة   قاطعة لا تقبل التأويلات وترك التفاصيل للقوانين ..

الدستور الحالي به تشوهات فظيعة ومنها ما يتصل بشكل ونظام الحكم نفسه ولم يحدد بنصوص قاطعة هل الحكم عندنا برلماني أم رئاسي أم رئاسي برلماني .. إلخ.

الرئاسي المنفرد لا يضمن لنا قدرة وكفاءة وتوجهات     من سيتولى بعد الرئيس السيسي عند انتهاء فترة حكمه أما البرلماني فنحن بعيدون عنه تماما ونحتاج فترة 50 سنة على الأقل ليكون لدينا أحزاب سياسية شعبية حقيقية بالمعني الشامل للكلمة.

النظام الأمثل من وجهة نظري المتواضعة هو الحكم الرئاسي البرلماني ، شراكة وتكامل بين الرئيس والبرلمان ، ستظهر فوائده فيما بعد.

عموما لا يوجد شكل مثالي للحكم والبحث عن نظام جديد يتفق مع تراثنا الحضاري وأخلاقياتنا وعاداتنا وتقاليد شعبنا سيكون الأفضل.

٢ – الورقة السياسية : ثوابت لا غنى عنها :

– نبني جيشا قويا قادراً على حماية حدودنا وردع من يفكر في العبث بأمننا القومي وحياة شعبنا .. يحمي ولا يعتدي.

الصرف على التسليح لاقى معارضة من بعض الأقلام المعروفة التي طالبت بالتقليل منه وتوجيه الجزء الأكبر من الإنفاق على النواحي الإجتماعية كالتعليم والصحة وغيرها.

– القتال خارج الأرض لا يكون إلا لأمر جلل له علاقة مباشرة بحياة مواطنينا ومصالحنا القومية.

– يد مصر ممدودة للجميع في الخير والسلام والتعاون وتبادل المصالح .. مع كل الدول دون استثناء.

– انتماؤنا العربي الإفريقي الإسلامي شرق الأوسطي يجب التأطير له من خلال مصالحنا القومية فقط .. دفعنا الكثير من أرواح شبابنا ومن قوتنا الاقتصادية ومقدراتنا وهو ما عرقل تقدمنا بشدة لم نجن من ورائه شيئا سوى الخسارة فقط.

– لن نتخلى عن مساندة الأشقاء والأصدقاء لكن في حدود قدراتنا وليس فوق طاقتنا ، زمن الحرب بالوكالة شكل من أشكال الماضي ولا يمكن أن يعود ، لنا هدف كبير نسعى إلى تحقيقه.

– تفادي الإنزلاق إلى صراعات مدمرة أو الوقوع في اخطاء جسيمة تفقدنا عناصر قوتنا أو حتى مساندة الأصدقاء أمر تعمل عليه القيادة المصرية بكل جدية.

– بذلنا جهدا كبيراً حتى أقتنع العالم أن 30 يونيو ثورة شعبية حقيقية وليس محاولة انقلابية .. نحن جزء من العالم ولا نعيش في جزيرة منفصلة.

٣ – الورقة الاقتصادية :

– نسعى بكل قوة لبناء دولة عصرية حديثة ، الهدف الإستراتيجي الأهم ، في الحقيقة نسابق الزمن وحققنا إنجازات رائعة .. هناك من يقلل من حجم الإنجاز والبعض لا يراه بالمرة.

– الإقتصاد الحر هو الأساس ، التدخل الحكومي لضبط المسارات فقط.

– إزالة كل العقبات من أمام الإستثمار الأجنبي والمحلي للأفراد والمؤسسات معا.

– الشراكة بين القطاعين الخاص والحكومي أصبح ضرورة قصوى ولا بديل عن تقوية هذا الفهم مع إعطاء الجزء الأكبر للقطاع الخاص.

– لابد من رجوع التعاونيات بشكل يُمكن الحكومة من التدخل لضبط الأسعار عند الحاجة خصوصا في وجود الأزمات ومنها احتكار السلع أو نقص المعروض في الأسواق لضمان وصول المنتج للمواطن بالسعر المناسب.

– الأصول غير المستغلة يمكنها إنقاذ اقتصاد مصر بالكامل وإحداث نهضة هائلة إذا ما أحسن استغلالها بشكل علمي ولا أجد عيبا في الاستعانة بالخبرات الأجنبية التي لها سابق خبرة وحققت نجاحات مشهود لها.

– السياحة يجب أن تحظى باهتمام أكبر من ذلك بكثير لأنها أحد أهم مفاتيح النهضة الاقتصادية من كل جوانبها.

٤ – الورقة الإجتماعية :

– خصخصة جانب لا بأس به من التعليم والصحة  للقادرين لتخفيف العبء الملقى على الحكومة .. الهدف ضمان تقديم خدمة علاجية محترمة وتعليم جيد لغير القادرين.

– الحكومة مُلزمة بتوفير فرص العمل لكن من خلال التوسع في المشروعات وزيادة الإستثمار والتخلي     تماما عن فكرة التعيين إلا للضرورة القصوى ومن     خلال مسابقات معلنة شفافة .

– ضرورة التخلص من المشروعات والمؤسسات الحكومية الخاسرة التي لا يرجى أمل في إصلاحها ورفض أي شعارات تعوق هذا الإتجاه والبحث عن بديل مناسب لتعويض من يعملون في هذه المؤسسات عند تصفيتها.

– حماية حقوق العمال من خلال قوانين باتة وواضحة تحت عنوان الأجر مقابل العمل ولا شيء غير ذلك في القطاعين الحكومي والخاص معا.

– قوانين الأسرة في حاجة شديدة لإعادة صياغة وضبط يضمن تحقيق العدالة ويحافظ على سلامة الأبناء النفسية

– الضمان الإجتماعي لغير القادرين مسئولية وطنية وأخلاقية لمن على رأس السلطة.

٥ – الأمن ومنظومة العدالة :

– تغيير المفاهيم الأمنية البالية مثل قوانين وإجراءات الضبط والإحضار والمثول أمام القاضي في المحكمة.

– تقليل مدة الإحتجاز الإداري إلى الحد الأدنى الممكن ويتم حسب خطورة الحالة.

– تطوير وتحديث النظام القضائي العتيق من خلال برمجة كل أعمال المحاكم .. تكدس الملفات على الأرفف يتم بشكل متواضع جداً ، لا يليق بالجمهورية الجديدة.

– تثقيف وتطوير رجل الشرطة وتوعيته بحدود وظيفته وعدم تجاوزها .. أمر مهم يتعلق بحقوق الإنسان بشكل مباشر.

٦ – الرقابة والمتابعة :

– ضرورة فصل الأجهزة الرقابية عن السلطة التنفيذية بحيث تكون مستقلة تماماً مع وجود آلية تحكم عملها بطبيعة الحال .. الهدف إيجاد قدر عالٍ من الشفافية يسمح بمجابهة الفساد بشكل قوي وفعال دون قيود       أو إضافة فساد إلى فساد.

٧ – الحكم المحلي :

– لا يوجد بلد ثابت ومستقر دون وجود نظام للحكم المحلي قوي وفعال .. تأخرنا أكثر من اللازم .. ومع ذلك لابد من صياغة قانون ديناميكي قوي للحكم المحلي أولاً لسد أبواب الفساد في هذا القطاع المهم المتصل بمصالح الناس بشكل مباشر ، كان ومازال سببا لكوارث فظيعة يصعب جداً علاجها ألأن.

٨ – التعليم :

– لابد من عودة الطلاب للمدارس ولو بتخصيص ربع الدرجات لمجرد الحضور .. المدارس بلا طلاب ونتكلم   عن تعليم .. مهزلة حقيقية .

– الدعم الكامل لمشروع الدولة لتطوير التعليم وعدم الإستماع للمحبطين والمشككين الذين لا يريدون للمشروع العظيم أن يتقدم لوجود مشاكل طبيعية متوقعة في البنية التحتية ومشاكل في تقنية الإتصال .. التوقف سيرجعنا إلى الوراء عدة عقود.

– تجريم الدروس الخصوصية بعقوبات قاسية ورادعة.

– إعادة النظر في المناهج التعليمية المعنية بدعم الحس الوطني لدى الطالب ( مادة التربية الوطنية – مسابقات الوعي القومي ).

– الإهتمام بطابور الصباح وضرورة أن يشمل فقرة وطنية منها كلمة .. تحية العلم – الندوات التثقيفية .. إلخ.

– أيضا لابد من عزل المعلم الذي له اتجاهات غير وطنية بشكل فوري وحاسم .. ممكن نقله إلى وظيفة إدارية .. تأثيره خطير على الجيل القادم.

٩ – الإعلام :

– الأساس أن يكون الإعلام للقطاع الخاص لكن في   وجود ضوابط صارمة لها صلة بأخلاقيات المجتمع والأمن القومي.

– مهم جداً تقوية إعلام الدولة المعبر عن وجهة النظر الرسمية وعدم ترك الساحة للإعلام الخاص بالكلية كما  هو حادث الآن يصيب مرة ويخطئ مرات .. إعلام رسمي قوي يجب أن يضطلع به إعلاميون مهنيون وطنيون لا تشوبهم شائبة .. هل تصدق أنه يوجد في ماسبيرو إعلاميون لهم اتجاه معاد للدولة مازالوا على رأس العمل.

١٠ – الخطاب الديني :

– لابد من دمج القطاع الدعوي بالأزهر بالمساجد التابعة لوزارة الأوقاف لتوحيد مصدر الدعوة من أئمة ووعاظ وخطباء .

– أما تثقيف هؤلاء وتوعيتهم بالدور الوطني فمن نافلة القول بعضهم مازال يعتبر فكرة الوطنية معادية للدين.  هل هذا معقول.

– حرية ممارسة الشعائر الدينية دون التضييق على أحد.

– ضرورة وضع تعريف قاطع لمصطلح إزدراء الأديان الذي يتم التلاعب به بشكل خبيث ومهين.

١١ – الثقافة والفن :

– في شبه غياب غير مبرر ولا معقول رغم أهميتهما القصوى .. هل تتخيل أنهما منعا إنهيار الدولة المصرية عقب هزيمة 67 الثقافة والفن شكلا وعي المصريين  وزادا من ارتباطهم بالأرض وعرفاهم معنى كلمة وطن التي يبحث عنها الرئيس منذ 50 سنة فيلم الممر ومسلسل الإختيار حظيا بأكبر نسبة مشاهدة وهو دليل قوي على أن الشخصية المصرية بخير والوعي المصري مازال سليما مهم جداً إعادة البوصلة للثقافة والفن المصري.

هذه بعض من الأفكار التي دارت في مخيلتي ولا أدعي أنني قدمت حلولاً .. هو كل ما عندي بشأن الحوار الوطني.

ضياء رشوان : لا خطوط حُمر فى الحوار الوطني !!

ضياء رشون مرة ثانية : هناك مسار لن يتم الاقتراب منه  في الحوار الوطني وهو الدستور !!

التعليق : الشيء ونقيضة في نفس اللحظة .. يا رجل استثنيت النقطة الأهم التي كان يجب البدء بها إن أردنا تغييرا حقيقيا .. 

عدلوا الدستور يرحمكم الله .. هذا هو الدستور الذي اعتبرته نصا سماويا لا يجوز الاقتراب منه : 

” الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ” .. هذا نص المادة الثانية.

اسأل : أي منطق إذن يحظر القانون قيام الأحزاب الدينية والدستور ينص عليه صراحة ؟

هل مرت هذه الفقرة سهواً من فقهاء القانون الدستوري أم أن لها معنى آخر ؟

وهل الدول لها دين كالأفراد ؟

– لا اعرف سوى الولايات المتحدة التي حددت مدة الرئاسة ب 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وربما   كان هناك بعض الدول القليلة .. 

فهل كان الأستاذ عمرو موسى يعتقد مثلا أن الظرف والمناخ السياسي وقتها كان يسمح بنقل الصيغة الأمريكية كما هي بالكربون؟ 

أم أنها العقدة التي تولدت لدينا من تكرار تجربة مبارك في الحكم التي استمرت 30 سنة ؟

إنه الدستور يا سادة الذي من المفترض أنه يحدد لنا شكل ونظام الحكم لمدة 50 سنة على الأقل .. بنهاية الفترة الثانية .. هذا الكلام لا صلة له بالرئيس السيسي من قريب أو بعيد .

نحمد الله أن تم تبديل هذه المادة في التعديل الدستوري الأخير لتصبح مدة الرئاسة 6 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة .

– طريقة محاسبة الرئيس : كيف للبرلمان سلطة عزل الرئيس بموافقة ثلثي الأعضاء وهو الذي منعه من اختيار الوزراء أو حتى عزلهم إلا بموافقة البرلمان ذاته ؟

تخبط وارتباك غير معقول .. دستور بخس الرئيس حقه في محاسبة الوزراء ورئيس الوزراء بشكل مزري وأفقد الكثير من هيبة المنصب والذي قد ينعكس دون شك على الأداء العام ..

أكرر : نتكلم عن دستور ممتد وليس عن فترة حكم الرئيس السيسي.

– هل تصدق أن الرئيس ليس له ولاية على جهاز الشرطة بنص الدستور ذاته ؟

فالجهاز مستقل وتابع لما سماه مجلساً أعلى للشرطة مهمته معاونة الوزير في أداء مهام هذا الجهاز المهم والحيوي .

السؤال : كيف يكون جهاز الشرطة ( التنفيذي ) خارج نطاق سلطة أعلى رأس في السلطة التنفيذية حسب النص .. هل هذا معقول ؟

– كيف تلومون رئيس الجمهورية على أداء شيخ الأزهر ومنصبه مُحصن بموجب الدستور ولا يمكن المساس به    أو التدخل فى شئون اختياره وهو أمر يخص هيئة كبار العلماء ؟

إذن الرئيس لا دخل له بما يصدر من فتاوى وتشريعات من قبل الأزهر قد يكون لها تداعيات مجتمعية غير مقبولة .

حتى المطالبة بتجديد الخطاب الديني تصبح غير ذات  جدوى فالأزهر هو المرجعية الدينية الوحيدة بنص الدستور أيضا .. هذا فقط ما أتذكره.

صدقوني هو دستور كارثي قد يقود إلى فوضى شاملة واضطرابات لا قبل لنا بها فيما بعد .. 

من أسف : من صاغه لم ينظر أبعد من قدميه .

كان فهمي او بالأحري تصوري ، لطبيعة الحوار الوطني  أنه سيكون حواراً سياسيا في الأساس وأنه سيكون معنياً في المقام الأول ببلورة المسارات الجديدة التي يمكن ان يسلكها تطور الحياة السياسية في مصر في المرحلة القادمة بعد ان تحقق لها المستوي المنشود من الأمن والاستقرار بعد كل ما مرت به واقصد بذلك بشكل خاص مسار التحول الديموقراطي وتأمين الإحترام الواجب للحقوق والحريات المدنية والسياسية في مجتمعنا بالضمانات القانونية والدستورية الضرورية .

وبما يعطي الأمل في تحول سياسي إيجابي حقيقي طال انتظارنا له وهذا امر لا اعتقد ان هناك خلاف بيننا عليه.

لكن تشعب دوائر الحوار وخروجها من هذا الإطار المحدد إلي فضاء من النقاشات والحوارات والاجتهادات اوسع بكثير من هذا المجال السياسي المعلوم الأبعاد والأهداف  وانزلاقه إلي مجموعة متناهية الاتساع والتعقيد من القضايا والموضوعات والافكار علي نحو ما يجئ في كثير من المقالات والاعمدة الصحفية وغيرها مما يتردد عبر وسائل الإتصال الجماهيري والتواصل الإجتماعي.

ويقيني هو ان مثل هذه الدوائر الواسعة والمتشابكة     من النقاشات حول كل تلك القضايا باولوياتها النسبية وتعقيداتها بدرجاتها المتفاوتة ، تحتاج إلي حوارات مجتمعية عديدة ، وليس إلي حوار واحد كما هو الحال  هنا مع الحوار الحالي ، حوارات يكون لكل منها دائرتها المحددة وخبراؤها المتخصصون من ذوي الدراية بها وبطبيعتها وبما يمكن ان تكون عليه حلولها وما تنطوي عليه من اعباء وصعوبات وتكاليف.

ومثل هذا الحوار الوطني المجتمعي الشامل في آفاقه والمتعدد في دوائره وخبرات المشاركين فيه ، يمكن ان   يتم علي مدار جولات كثيرة ويستغرق وقتا طويلاً ، كقضايا التعليم والتنمية البشرية المستدامة وغيرها ، حتي تخلص تلك الحوارات إلي نتائج قيمة تبرر ما بذل فيها من جهد او ضاع فيها من وقت.

وأري ان هذا النوع من الحوارات الوطنية الشاملة بأسلوبه الذي أشرت إليه ، يخرج بطبيعة أهدافه وموضوعاته واهتماماته وخبرات المشاركين فيه عن طبيعة الحوار الذي يدور الآن في هذه الدائرة الضيقة والمحدودة من المشاركين فيه مع احترامنا لهم كقامات كبيرة في مجالاتهم .. ولا اعتقد اني وحدي من يتصوره بهذا الشكل الذي اشرت إليه.

ويبقي اعتقادي هو إنه لو اتيح للحوار الحالي ان يقصر تركيزه واهتمامه علي البعد السياسي ، والذي هو القاطرة المحركة لكافة الأبعاد الأخري ، وامكنه التوصل إلي نتيجة كبيرة تكون في مستوي ما يتوقعه المجتمع بكل فئاته وأطيافه منه كحوار يحاول ان يرسي الأساس لمستقبل افضل وفي مناخ أرحب من الحريات العامة والديموقراطية الحقيقية ومن الإحترام الكبير لحقوق الإنسان بكل صورها وأشكالها المتعارف عليها دوليا لكان هذا انجازا هائلاً ما بعده انجاز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!