✍️ يوحنا عزمي
في خطوة قد تُحدث زلزالًا في موازين القوى بالشرق الأوسط، أعلنت القاهرة وأنقرة عن شراكة استراتيجية في مشروع تصنيع المقاتلة الشبحية من الجيل الخامس “كان” (KAAN). التحالف العسكري بين قوتين إقليميتين بحجم مصر وتركيا ، ليس مجرد صفقة عسكرية ، بل هو رسالة سياسية وجيوستراتيجية للعالم، مفادها أن السماء لم تعد حكرًا على القوى الغربية.
كيف تحول مشروع “كان” من خطة تركية لتحديث أسطول الـF-16 إلى رمز للتحرر من القيود الغربية؟
بدأت الفكرة عام 2010 كخطة تركية لتطوير بديل وطني للمقاتلات الأمريكية F-16 ، ضمن برنامج تحديث شامل للقوات الجوية. لكن بعد أزمة الـ S-400 مع روسيا في 2019 وطرد تركيا من مشروع الـ F-35 الأمريكي ، أصبح المشروع رمزًا لاستقلال القرار العسكري عن واشنطن وحلف الناتو. دخول مصر على خط التصنيع يعزز هذا البعد التحرري ، خاصة أن القاهرة بدورها تعاني من قيود أمريكية على تسليحها الجوي.
لماذا تعتبر مشاركة مصر في التصنيع نقلة استراتيجية تعيد رسم الخريطة العسكرية؟
القدرة على إنتاج مقاتلة شبحية إقليمية بدلًا من الاعتماد على الاستيراد.
فتح خط إنتاج في مصر يخلق اكتفاء ذاتياً طويل المدى ويؤمن الصيانة والتطوير داخليًا.
امتلاك تكنولوجيا حساسة تمنح القوات الجوية ميزة ردع استراتيجية أمام خصومها ، خاصة إسرائيل.
توازن جديد في القوى مع السعودية، الإمارات ، وإسرائيل ، التي تمتلك أو تسعى لامتلاك مقاتلات من الجيل الخامس.
هل ستسمح واشنطن لمقاتلة شبحية مسلحة بأسلحة الناتو أن تحلق في سماء القاهرة؟
هنا تدخل الحسابات المعقدة :
واشنطن قد تفرض قيودًا على دمج بعض أسلحة الناتو في النسخ المصرية.
هناك احتمال أن تضغط لعرقلة التمويل أو تصدير بعض المكونات الحساسة.
لكن تنويع القاهرة لشركائها العسكريين (روسيا – فرنسا – الصين – الآن تركيا) يقلل قدرة واشنطن على التأثير.
الدور المصري في المشروع
حتى الآن ، السيناريوهات المحتملة تشمل :
1. التجميع النهائي في مصر لطائرات مخصصة للسوق العربي والأفريقي.
2. إنشاء مركز صيانة وبيع إقليمي يخدم القوات الجوية في الشرق الأوسط.
3. تصنيع جزئي لبعض المكونات ، مع إمكانية التوسع للتصنيع الكامل على المدى البعيد إذا نُقلت التكنولوجيا.
سر الاهتمام الإندونيسي والباكستاني
إندونيسيا ترى المشروع فرصة لتعزيز قوتها الجوية دون الاعتماد على واشنطن أو موسكو.
باكستان تبحث عن شريك إسلامي لتطوير قدراتها الجوية في مواجهة الهند.
وجود مصر وتركيا مع هذه الدول قد يشكل محور عسكري – صناعي جديد ينافس النفوذ الغربي.
العقبات التقنية والسياسية
المحرك : حتى الآن يعتمد المشروع على محركات أمريكية أو أوروبية ، ما يمنح الغرب ورقة ضغط.
تمويل طويل المدى : المقاتلات الشبحية تحتاج مليارات الدولارات للاستمرار في التطوير.
ضغوط الناتو : بعض دول الحلف لا ترغب في رؤية مشروع عسكري متكامل خارج سيطرة الغرب.
المسار التاريخي
2010 : بداية الفكرة كمشروع وطني تركي.
2019 : نقطة التحول بعد أزمة S-400 وطرد أنقرة من الـF-35.
2023 : أول ظهور علني لنموذج المقاتلة “كان”.
2025 : إعلان شراكات إقليمية ، أبرزها مع مصر.
قدرات “كان” المخطط لها
تصميم شبحي يقلل من بصمتها الرادارية.
قدرة على حمل أسلحة جو – جو وجو – أرض متطورة.
سرعة تفوق 1.8 ماخ.
مدى قتالي يصل إلى 1,100 كلم.
إلكترونيات طيران وأنظمة رادار متطورة تضاهي الـF-35.
ارتباط المشروع بخطة مصر للتحرر من السلاح الأمريكي والروسي
مصر تسعى منذ سنوات لتقليل الاعتماد على مصدر واحد للسلاح ، بعد تجارب مريرة مع الحظر الأمريكي والقيود الروسية. دخولها في مشروع “كان” يحقق لها :
استقلالية في قرارات التحديث والصيانة.
وصول لتكنولوجيا كانت محظورة.
إمكانية التصدير لدول صديقة.
كيف تغير هذه الصفقة ميزان الردع مع إسرائيل؟
إسرائيل تعتمد على الـF-35 كعمود فقري لسلاحها الجوي.
امتلاك مصر لمقاتلة شبحية سيحد من تفوق تل أبيب الجوي.
وجود خط إنتاج محلي يمنح القاهرة مرونة أكبر في مواجهة أي تهديد طويل الأمد.
التحالف المصري – التركي في مشروع “كان” ليس مجرد تعاون عسكري ، بل خطوة استراتيجية لكسر احتكار السماء من قبل القوى الكبرى. إذا نجح المشروع ، فقد نكون أمام بداية عصر صناعة المقاتلات الإسلامية ، مع ما يحمله ذلك من تغيرات جذرية في خرائط القوة بالشرق الأوسط.