مقالات

أصبحت إيران اليوم في مرمي النيران الإسرائيلية الأمريكية

✍️ يوحنا عزمي

فقد تصاعدت في الأيام الأخيرة حملة التحريض عليها وشحن العالم واستعدائه ضدها بصورة واضحة وملفتة    فما صرح به وزير الخارجية الأمريكية انتوني بلينكن      منذ يومين من ان إيران نجحت في تصنيع مواد انشطارية نووية قادرة علي تمكينها من إنتاج سلاح نووي خلال اسبوع او اسبوعين ، هو تصريح يحمل مغزي خطيرا للغاية فيما يتعلق بموقف امريكا وحليفها الإستراتيجي إسرائيل من هذا التطور الإستراتيجي الذي لم يكن متوقعا له ان يتم بالسرعة المذهلة التي يتحدث عنها بلينكن وبهذه الدرجة العالية من الثقة هكذا علنا وعلي رءوس الأشهاد .. 

وكان بإمكانه ان يتكتم هذا الأمر ويخفيه وإدارته تعيش ايامها الأخيرة وتوشك علي الرحيل ..وتتحول فيها كما يقول الأمريكيون إلي بطة عرجاء ، او بعبارة أخري إلي إدارة او حكومة تصريف أعمال إلي ان تحسم الانتخابات الرئاسية المقبلة مصير الرئيس القادم إلي البيت الأبيض في مطلع نوفمبر المقبل وما إذا كان ترامب او بايدن او حصان اسود يجري تجهيزه الآن لخوض السباق ضد كل التكهنات والتوقعات.

وتصريح وزير الخارجية الأمريكية بلينكن في هذا التوقيت الحرج وبهذه الصورة المثيرة والمفاجئة يحتمل احد تفسيرين لا ثالث لهما اولهما هو ان نكون بصدد ضربة استباقية أمريكية إسرائيلية وشيكة لإيران تضربها في عمق أراضيها لتدمر لها منظومة مهمة من الأهداف الإستراتيجية الحيوية التي توافق الطرفان الأمريكي والإسرائيلي علي تحديدها مسبقا .. 

وثانيهما ، ان الهدف من هذا التصريح قد يكون هو ربط الموقفين الأمريكي والإسرائيلي ببعضهما اكثر حول قضية إستراتيجية وأمنية بمثل هذه الاهمية الكبيرة لإسرائيل ، وان الإدارة الأمريكية لن تتردد في ان تقدم لإسرائيل كل ما بامكانها ان تساعدها به من دعم عسكري لإزالة هذا التهديد النووي الإيراني لامنها حتي من قبل ان يتحقق علي أرض الواقع اي أنه وعد بالمساعدة مع ترك موعد التنفيذ مفتوحا.

وفي كلتا الحالتين تضع الإدارة الأمريكية في اعتبارها  ان هذا الالتزام الأمريكي تجاه إسرائيل بمساعدتها عسكريا في اي حرب قد تنشب بينها وبين إيران ، سوف يكون عاملا مهما في استقطاب تأييد المنظمات الصهيونية الأمريكية الداعمة بقوة لإسرائيل ، وذلك كحبل إنقاذ اخير وسط مناخ انتخابي محبط للغاية وينذر بخسارة كبيرة ومؤلمة للرئيس بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة 

فهي كالسفينة التي توشك علي الغرق وتبحث عن اي فرصة للنجاة.

الخطر النووي الإيراني الوشيك علي نحو ما يصوره بلينكن وهو أعلي مسئول دبلوماسي أمريكي ، مع تصاعد وتيرة التهديد الحوثي بالصواريخ والمسيرات الإيرانية الصنع لإسرائيل ولتل ابيب بالتحديد علي نحو ما شاهدناه واصبح حديث العالم كله ، ورد إسرائيل الانتقامي السريع منها في عمق الأراضي اليمنية نفسها ومع تبادل التهديدات بالانتقام علي الجانبين الإسرائيلي واليمني او الحوثي الذي يتحرك بضوء اخضر من إيران وحرسها الثوري ، فإن بؤرة اخري خطيرة من بؤر الصراع المسلح في الشرق الأوسط توشك علي الانفجار لتاخذ ابعادا إقليمية واسعة يصعب التكهن بطبيعتها ومداها ..   

ووقتها سوف يتحول مؤشر الإهتمام الدولي من غزة    إلي إيران وتوابعها واذرعها الرئيسية في اليمن ولبنان. وليكون العالم بصدد ملفات أمنية إقليمية جديدة ، ملفات سوف تغلق كل أبواب الحل امام تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتضاعف من فرص إسرائيل في الضم والاستيطان والتهويد والتهجير القسري وتدمير مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة والذي كانت بدايته في قرار الكنيست الأخير.

الشرق الأوسط يغلي ويموج بكل عوامل الإنفجار الوشيك وصراعاته المسلحة تتسع وتتصاعد وتزداد خطورة بدلا من ان تنحسر وتتراجع .. وحرائقه المشتعلة هنا وهناك سوف تزداد اشتعالا بتاثير التداعيات المحتملة لما سوف يحدث.

وإذا كانت غزة اليوم ، فغدا إيران واليمن ولبنان وربما آخرين غيرهم.. وسوف تتعدد الذرائع والأسباب لإشعال المزيد من الحرائق في المنطقة ولن تتوقف عند حماس وغزة التي يسلطون اضواءهم عليها الآن باعتبارها نقطة البداية في سلسلة طويلة من الإجراءات والقرارات وابعاد الَمخطط الإقليمي الذي تنفذه حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل والتي يقودها مجرم الحرب الإرهابي الصهيوني نتنياهو ، تبدو اخطر بكثير من كل ما تصورناه في بداية عملية طوفان الأقصي منذ نحو عشرة شهور 

فهي تجاوزت مرحلة غزة وحرب الإبادة الشاملة فيها ، إلي مرحلة إحلال الشرق الأوسط الحالي بشرق أوسط جديد يحقق لإسرائيل من الهيمنة والنفوذ ما يجعلها القوة الإقليمية الأولي فيه ويسوده سلام إسرائيلي من نوع خاص .. او هذا هو حلمهم او طموحهم الكبير الذي يجري من اجله تنفيذ كل تلك السيناريوهات الإسرائيلية العنيفة تباعا الآن .

أما ماذا يحتمل ان يكون عليه رد فعل إيران من كل ما يجري تحضيره ضدها في كل من واشنطن وتل ابيب ، فربما كان لهذا حديث آخر.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!