مقالات

الغارات الإسرائيلية على سوريا : هل هي تمهيد للهجوم على إيران؟

✍️ يوحنا عزمي 

هذا التدمير الإسرائيلي الشامل لكافة المطارات الحربية والقواعد العسكرية في الدول التي كان لإيران دور كبير فيها ، وبالأخص في سوريا خلال فترة ما قبل سقوط نظام بشار الأسد ، وآخرها ما حدث في مطار حماة العسكري أمس ومن قبله في مطار اللاذقية، حيث كان تدميرهما شاملا وبالصورة التي اخرجتهما من الخدمة الفعلية تماما.. وافقدتهما اهميتهما التي كانا عليها فيما مضي .. وهو ما لم يعد كذلك الآن.

وفي رأيي ان هذه الغارات الجوية الإسرائيلية المتلاحقة علي المطارات والقواعد الجوية في سوريا هو مؤشر لا تخطئه العين بأن هجوما جويا أمريكيا إسرائيلياً كاسحا علي إيران أصبح وشيكا للغاية ، واقرب منه في اي وقت ، فالهدف من هذه الغارات الإسرائيلية هو إزالة كل اشكال الرد الإيراني المحتمل علي هذا الهجوم الأمريكي الإسرائيلي المرتقب عليها والذي قد يباغت إيران في اي وقت .. فهم الآن في سباق مع الوقت لحسم نتائج هذه الحرب الوشيكة بأقل تكلفة وفي أسرع وقت حتي لا تتحول إلي حرب استنزاف ممتدة يغرقان فيها وتورطهما في ما قد يصعب عليهما بعده الخروج منه .. وهذا هو هاجسهما الأكبر والذي تنعقد عليه كل الرهانات في واشنطن وتل أبيب في هذه اللحظات الحاسمة والفاصلة.

والدور الذي تقوم به إسرائيل والذي نري مقدماته في سوريا بغاراتها الجوية المستمرة عليها، هو التمهيد للهجوم الكبير القادم علي إيران ، وهو التمهيد الذي تقع مسئولية تنفيذه علي إسرائيل في سيناريو توزيع الأدوار بين الطرفين الأمريكي والإسرائيلي ، وبعدها سوف يأتي دور أمريكا فور إكتمال حشدها الهائل وغير المسبوق لاساطيلها البحرية والجوية من أحدث مقاتلاتها الهجومية ومن ترسانتها الحربية ، وهي كلها في طريقها الآن إلي قواعد تموضعها في الشرق الأوسط .. مما يؤكد ان ساعة الصفر قد اقتربت .. وان تنفيذ قرار الحرب لم يعد اكثر من مسألة وقت لا اكثر.

القيادة الإيرانية واقعة مع نفسها في مأزق حقيقي ، بشأن ما إذا كان عليها الإنتظار والتحلي بالصبر إلي ان يقع هذا الهجوم لتحدد بعده طبيعة ردها عليه ؟. ام التحول عن هذا الخيار المشكوك تماما في فاعليته وجدواه لعدم واقعيته ولأنه قد يأتي متأخراً جدا عن وقته ، إلي الخيار الآخر والاكثر جرأة ومخاطرة وهو المجازفة بتوجيه ضربة استباقية موجعة لبعض الأهداف الأمريكية والإسرائيلية الإستراتيجية المختارة بعناية ، لاقناعهما في واشنطن وتل ابيب بقدرتها علي ايذائهما وتعريض أمنهما القومي للخطر؟. 

ولا يخفي ان كلا الخيارين ، سواء بالانتظار او الاستباق ، ينطويان علي عواقب كارثية بسبب أي خطأ في الحساب أو التقدير خاصة في مثل هذه الظروف الضبابية الغامضة والخطيرة والتي تقتضي من الدوائر العليا لإتخاذ القرار في طهران توخي أقصي درجات الحرص والحذر في ردودها وتحركاتها وان كان هذا لا يمنع من ان تبقي إيران في قمة جاهزيتها القتالية للتعامل بحسم مع أول بادرة هجوم عليها دون تلكؤ او تباطؤ في الرد لتجنيب إيران بعض ما هي في غني عنه من دمار وخراب ، فأيران ليست غزة او سوريا او لبنان حتي تعجز عن الرد .

وهو ما لا اشك لحظة في ان هذا هو ما يجعل القيادة الإيرانية لا تنام الليل تحسبا لحرب شاملة ومدمرة قد يفرضونها علي إيران في ظروف غير مواتية لها علي الإطلاق ، حرب هم من خططوا لها وحددوا أهدافها وطبيعتها ومداها ، وهم من يمسكون بزمام المبادرة فيها، وهم من يحتفظون فيها لانفسهم بميزة الهجوم الاستباقي المباغت في اي لحظة مستغلين في ذلك ان إيران غارقة في أزماتها الداخلية بفعل الحصار الدولي القاتل المفروض عليها من عقوبات اقتصادية خانقة لم يسبق لها مثيل او هذا هو ما يبدو عليه الموقف بالنسبة لي حتي الآن علي الأقل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!