كتبت: أروى حمام
من داخل عروض المدرج لفرق المسرحية بجامعة الإسكندرية، برز عرض «برا السرب» لفريق كلية الآداب للفنون المسرحية من بطولة و اخراج مجموعة كبيرة من الشباب المتميزة في فريق كلية اداب للفنون المسرحية بجامعة الاسكندرية ، و هو يعتبر كأحد العروض اللافتة ، لما يحمله من طرح إنساني يمس شريحة واسعة من الشباب في زمن تتبدل فيه القيم وتختلط المعايير.
يناقش العرض قصة شاب يدعى الأديب، نشأ على الطيبة والأخلاق الكريمة في تربية واضحة من الأب والأم. إلا أن وفاة والديه تمثل نقطة التحول الأساسية في مسار حياته، حيث يجد نفسه في مواجهة واقع قاسى لا يكافئ هذه الصفات، بل يضعها أحيانًا في موضع الضعف.
ومع تصاعد الضغوط، يضطر الأديب إلى تغيير مبادئه ومحاولة التكيف مع هذا الزمن المتوحش، قبل أن يكتشف في النهاية ثمن هذا التحول ويدخل في دائرة من الندم والصراع الداخلي.
ومن هنا يطرح العرض سؤاله الجوهري: هل أصبح التحلي بالقيم الإنسانية عبئًا في هذا العصر؟
اعتمد عرض برا السرب على فكرة رمزية واضحة، حيث بدأت المسرحية بان الوالد يفهم ابنه بانه يجب ان يكون مختلف و يجبر المجتمع علي احترامه ، و انه يجب الاصرار على الحفاظ باخلاقه وسط مجتمع لا يعترف بالاختلاف .
هذا الطرح منح العرض بعدًا فلسفيًا، وجعله أقرب إلى مرآة تعكس أزمة جيل كامل، لا مجرد حكاية فردية معزولة.
على مستوى الأداء التمثيلي ، نجح فريق العمل في تقديم حالة شعورية صادقة، خاصة في مشاهد الصراع الداخلي التي يعيشها البطل، لا سيما تلك المرتبطة بصورة الأب وتأثيرها النفسي عليه. وقد ساعد هذا الصدق في الأداء على خلق حالة من التعاطف والتفاعل مع الجمهور، دون الوقوع في فخ المبالغة أو الخطابية المباشرة. كما حافظ العرض على إيقاع متوازن في أغلب مشاهده، الذي يخدم الفكرة .
أما الإخراج، فقد اتسم بالحرص على تبسيط العناصر البصرية وتوظيفها لخدمة النص، مما أتاح للفكرة الأساسية أن تتصدر المشهد دون تشويش. وبرز ذلك بشكل واضح في المشاهد التي عبّرت عن عزلة البطل وشعوره بالغربة داخل المجتمع، حيث جاءت الصورة المسرحية معبرة و منظمة دون ازدحام بصري.
ورغم قوة الفكرة وصدق التمثيل، كان من الممكن تعميق بعض الصراعات الثانوية ومنح الشخصيات المحيطة بالبطل مساحة درامية أوسع، بما يثري البناء الدرامي ويضيف مزيدًا من التعقيد للصراع الرئيسي. إلا أن ذلك لا ينتقص من قيمة العرض ككل.
في النهاية، ينجح عرض برا السرب في تقديم تجربة مسرحية صادقة الذي شهد عدد كبير من الجمهور و اعجبهم الفكرة كثيراً ، كما ان المسرحية تؤكد أن الطيبة، رغم ما تواجهه من تحديات، تظل موقفًا أخلاقيًا شجاعًا في زمن يحتاج إلى إعادة تعريف معنى الإنسانية.
