ابداعات

ما خُفي كان أعظم :

 

بقلم : ندى يحيى 

 

حين سألته عن لحظة النهاية أجابني بصوت يرفض بشكل واضح ماحدث ليلتها وقال : رأيت كل شيء في عينيه ، كان يخفي شيء من الضغينة الغير مبررة، رأيت أمنيته الأخيرة، وكأنه يرجو الخلاص مني سلاحه الكامن وراء ظهره كشفته عينيه رأيت كل شيء رغم أني لم أراه .

 

حينها سألت نفسي كيف للمرء أن ينجو من طعنات الأصدقاء ، ومن غدر الإخوة، ومن خيانة الحبيب، كيف لنا أن ننسى قسوة النهاية التي قسمت ظهر البعير، فكيف يكون العفو عن أنفسنا حينها قبل العفو عن ذنبهم فينا.

 

الكثير منا وقف ينظر للحياة من فتحة صغيرة في صندوقه الأسود الذي هرب منه وإليه لسنوات خشية من صنيع البشر، ومن قسوة كلماتهم في لحظات الوداع رغم ألفة كل ما مضى قبل ذلك .

 

لحظة واحدة ستفقدك حلاوة كل الدنيا وستشعر في النهاية أنك شربت كوب المُر بأيدي الأحباب.

 

‎لكننا، مهما حاولنا، لا نستطيع أن نحمل كل تلك الأثقال إلى الأبد. فالألم رغم أنه يُهذبنا إلا أنه يُضيق مساحات السلام في قلوبنا ، نهرب منه بين تارة وأخرى ثم نعود إليه دون رغبة منا ، كأنه لعنة إن تمكنت منك فستكمن بداخلك للأبد ولكن في ذلك الحين سيبقى لديك بضعة خيارات قد تبدو ضئيلة ولكن لحن الحرية يسكن بداخلها فإن أردت أن تستنشقه حتى ولو لبضع ثواني فسيستشعر جسدك حينها طعم الحياة من جديد.

 

‎لقد أدركت اليوم من نافذة الحياة تلك أن النجاة لا تعني النسيان، بل أن تتعلم كيف تعيش بجوار الندوب دون أن تُعيد فتحها كل يوم. أن تدرك أن العفو عنهم ليس هدية لهم، بل خلاصٌ لنا من القيود التي صنعوها فينا. فالصفح أحيانًا هو إعلان استقلال الروح عن عبودية الجرح.

 

‎والحياة، رغم قسوتها، تمنحنا دومًا فرصة لنغلق الصفحة. ليس لأن الحكاية انتهت، بل لأننا قررنا أن نكتب فصلًا جديدًا بأيدينا، بلا وجوه غريبة تسكن السطور. حينها، ندرك أن ما خُفي كان عظيمًا حقًا لكن ما ينتظرنا، إذا اخترنا أن نكمل، قد يكون أعظم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!