زينب عبد الحفيظ
لماذا تُتيح للقلوب أن تغلّ دون خوف من اطلاع الآله عليها؟
لكل ثوب، فلا ترتدِ إلا ثوبك، وإن حاولوا تمزيقه، تشبّث بقماشتك وإن كانت ذات ثمن باهظ.
انفر من مجالس الساخرين، ودكّ الأراضي سخطًا، واضرب بقبضتك فكوك الحثالة الباسمة إثر استماعهم لغو جاهل يريد إنزال قيمتك.
واستوعب أنّه لا مفاوضة في الكرامة، لا مجال، لا نزاع.
اقبض على شخصك واعز مقامك، فنحن اليوم في أعفن الحقب، نمضي بين رؤوس محشوة بالغلّ. لكل مقام لا يريد أن يُعلى عليه أحد، فيظل يسخر من ذوات المقام الرفيعة.
إن لم تستغث بهذا الحديث، فلتخلع عنك عقلك، ضعْه جانبًا، وانظر بعينيك إلى الوجوه المسوَّدة التي تبغض رؤيتك. ألا ترى أجوافهم فارغة، ملتفة كثعابين الصيف؟ فإن لدغة إحداها قد ترديك قتيلًا متنقلًا.
ارفَع منارة العلو، وأشْمخ بأنفك، وإن استهجنك الجموع.
أنت أنت، لا سواك يرفعك ويدنيك.
أنت سلطان نفسك، وجّهها نحو طرق مفترشها الكِبر.
يظن الإنسان أنه يسير بحذر، بينما يتعثر بمواقف تجعله يعض يديه ندمًا على كل شيء: مخالطة المستهزئين، والسير بطرق ملغمة بالهمزين اللمزين.
قد تجد أحدهم شحيحًا بالأخلاق والقيم، متبدد الدين وأصوله، يجلس على عتبة غبراء، يراوغ المارة ويحقد على الجميع، بينما لا تكف شفتاه عن التلوي والتقليل من خطوات العباد المتجهين نحو حياتهم.
تراكيب متراكبة، نافذ منها روائح الكره تفوح من البشر.
ورغم اضطراب العقول، يمضي أصحاب القيم إلى ما يرضونه، وينفضون همسات الخزي. يسير كل إلى بقعته التي يرتضيها لنفسه، محتضنًا ذاته خوفًا من شائبة صغيرة مما لا يحب.
يهرع البعض إلى الصحف ويظلون يقرأون حتى تعقم العقول من جنون المجتمع. يحاولون ضرب الإجماع الجامع بعصا هشة، وإن لم تؤلم، فإنها إذا وُضعت على جرح مدمل تقشعر لها الجلود.
وإن شرعت عليك أيادي التحذيرات، امضِ وتابع، ولا تكترث لشذاذ يُرمى من أعين النقم.
أنت أنت، لا سواك، من يدير عجلة حياتك، ويستقبل صخور الطريق ويتخطاها.
لن تستطيع أن تغير شيئًا سوى نفسك، فدع القوم لأنفسهم، وارفع مقامك أمامهم.