ابداعات

بدون طعم

 

أسماء وليد الجرايحي 

 

كلمة ما نكررها كثيرًا حين يبدو الأمر على غير المعتاد، أو على غير ما نتوقع حدوثه…

فلنرجع قليلًا، كان في زمان الأجداد وربما بعض الآباء كل شئ على ما يرام، مع ما كانت عليه الحياة من السكينة والطمأنينة، وهدوء المكان، والأفكار

 

ولكن سرعان ما تبدل الأمر بعض الشئ، فبدا الوضع يتغير، وبدأت الأيام تمر في عجلة، مع انتشار القليل من الأمراض والآفات، كل ذالك مع نظرة الناس بشفقة على تلك الأيام…

 فما كان الناس لتعلم أن ذاك الأمر هو من أمتع الأزمان و أروعها في فيما قد يعيشونه بعد

 

وما أن مرت عجلة الأيام و باغتت الأمراض الجميع وعمت الآفاق لتطغى على كل فرح، وبات الناس في شتات لا تعلم من أين أتى! فها هم قبل أيام كانو يتحدثون عن مرضٍ لا يعلمون له سبيلا إلا والأمراض تفترسهم من كل جانب

 

وما إن بات الجميع في البحث عن دواء كل ذالك الأدواء إلا والهموم تأتي مسرعة لتفاجئهم باستيطانها معهم، وما أن رفع أحدهم رأسه كي يجتاحها، فما أن وجد أحزانًا لا يعلم من أين تعرفه! 

 

تظاهر ذالك المسكين بالقوة وبأنه لا يبالي بأيٍ من تلك الآفات، ثم جلس بضع دقائق ليستريح مرافقًا ذاك المشروب الهادئ، والوجبة المفضلة، وما إن بدأ في تذوق تلك الوجبة وذاك المشروب إلا ويتفاجأ بأن الطعام والشراب بدون طعم!

في البداية شعر بشئ غريب، وكأنه نسي مذاق الطعام في تلك المدة التى استغرقها كي يرفع رأسه من الآفات…

وتتوالى عليه الفجعات، فلم يعد الطعام والشراب حقيقة بدون طعم، ولكن مجرد أشكالٍ نستمتع بها لا نجرئ على المضي نحوها

ثم ما لبث هذا المسكين حتى رحل إلى حديقةٍ خضراء تعلوها الزهور مع تلك الأضواء الخافته لعله يجد ما يأنسه ويخفف عنه هذه الفجعة، إلا ويصدم بأنه لم يعد يدرك أي شئ وأن كل شئ بدون طعم…ويكأنه تحت شجرة تتساقط أوراقها وهي تنظر بألمِ وشدة 

لم يعد يلقى أي متنفس للهروب من هذا المستنقع إلا أن يتصل بصديق يدله على الدواء عله يجد من يكشف له تلك الغمة…

ليخبره ذاك الصديق أنه هو ذاته كل تلك الآفات ولا مخرج له منها إلا بالرجوع لتلك الزمن الذي لا يرى أحدٌ غير نفسه فيأخذ في مصاحبتها والاهتمام بها إلى أن يرقى لمرتبة الشكر فحينها فقط سيتذوق الطعم ويظفر به

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!