خواطر

رواية هذا العام

كتبت: هاجر متولي

لقد تبين منذ زمن، أن من يريد أن يعيش حياة هادئة، لابد أن يعيش وحيدًا، ويُحكم إغلاق نوافذه لئلا يتسرب إليه هواء المجتمع.

فكُلما تقدمنا بالعمر، كلما تقلصت علاقاتنا الاجتماعية أكثر فأكثر، وأنخفض عدد الذين نستطيع التفاهم معهم… للحدِ الذي تصبح فيه مكتفيًا بعائلتك وأصدقائك المقربين… وأقصدُ هنا أصدقاء المواقف الثابتة الذين لم يغيرهم غياب ولا منصب ولا مال.

لطالما حسدتُ بعض الأشخاص الذين يتمتّعون بالقدرة على النسيان، ويرون أن الماضي ما هو إلا تبدُل الفصول، أو حذاءّ قديمًا يكفي أن يُزج به في قعر الخزانة… أما أنا فقد ابتليتُ بلعنة الذكرى أتذكر كل شيء، و كل شيء يتذكرني بدوره.

مشكلة هذا الزمن أنه قادر على أن يجعلنا نشعر بالنقصان الدائم والتقصير المستمر، وكأننا مطالبين دائمًا بالركض، مطالبون دائمًا بالإنجاز، ثم إذا نظرنا إلى كل تلك المسافات التي قطعناها بجهود مُثقلة، نستشعر حقيقة أن كل إنجاز حققناه وكل خير أصابنا منه، كان بطمأنينة المتوكّلين على ربهم لا بقلق الخائفين خَشية الخسارة أو الفقد.

ونسير بالأيام مثقلين كأننا جناه، اليوم هو… لا أدري على وجه الدقة، إنه يوم آخر… الأيام تتشابه، لا فرق بينها إلا بمقدار ما نُحدث نحن من فرق… بأفكارنا، بتحركاتنا، وبزاوية النظر إلى الأمور الصغيرة التي تبدو تافهة.

ولكني تغيرتُ مع الأيام، تخليتُ عن ذاتي التي لا تقوى على مواجهة الحياة، وأصبحتُ أسير في طريقي هادئًا مسالمًا، أظل في ركني، لا أريد أن أعرف شيئًا عن الآخرين، أحب أن أكون بريئًا كل البراءة، وألا أكون الطرف الذي يبدأ بالإساءة ويبتر العلاقات بدون سبب وجيه يستحق الخسارة.

تعودت أن أجد في كل وقت وحين ما يجعلني أبتهج وأغير اللون الداكن لتلك الحياة، وأن أتصدى لها، وأن أعيش بروح طفل بريء حتى أنعم برغد الحياة، فليست السنوات في حياتنا هي المهمة، أنها الحياة في تلك السنوات.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!