✍️ بقلم/ انتصار عمار
دومًا يلوم الطير على الشجرة التي بات بأغصانها، الشجرة التي احتوته، وكانت له موطنًا.
ولا يدرى، أن لو كان لها أن تتكلم، لقالت؛ كم هى سكن له.
أيُلام عليها في ثباتها، في صمودها، في كونها وطن له؟
ماذا فعلت تلك الشجرة كى يلق عليها هذا الطير لومًا؟
هل نفته خارجها!
هل ألقت به بعيدًا عن أغصانها!
الطير دومًا هو الذي يطير بعيدًا، ويبعد، ويهجر عشه، ليسكن شجرًا آخرا.
الطير هو الذي سارع بهدم عشه، فما كان للشجرة أن تهدم عشًا سكن بها.
أو تعلم أيها الطائر؟
أنك جرحت هذه الشجرة،
وما أبصرت احتوائها لك!
ما استطعت أن تلقي اللوم على الرياح التي ساعدتك في هدم العش، لكنك استطعت وبكل قسوة أن تلقي اللوم على من كانت لك دارًا.
عندما هدمت عشك، وهاجرت بعيدًا، وتركتها، أوجعتها وأوجعها رحيلك.
كانت تنتظر منك العودة، لتبني بها عشك من جديد.
ما اعتبرتك يومًا غريبًا عنها، بل كانت تحسك منها، ولست ضيفًا عليها.
ألم يعز عليك كونها وحيدة الآن !
فقد كان عشك لصيقًا بها، يحتضن جوانبها، كان بمثابة الحضن الدافيء لأغصانها.
أو تعلم ! كان مكملًا لها، فهي رغم صمودها، وكبرياءها، إلا أنها تحتاجك.
ومهما هاجرت من عش إلى عش، فلن تجد ملاذًا لك سواها، لن تجد الراحة إلا بين ربوعها، لن تحيا إلا بين جنباتها.
لم يا طير فكرت بنفسك فقط، ولم تبال بها؟
أو لم تلحظ الدموع بعينها حين رحلت!
أو لم تسمع نحيب صوتها يناديك حينما هجرت!
ألم تتنفس بين لحاءها؟
ألم تشتاق لحديثها!
لم يا طير هجرت !
تُرى أتستحق منك تلك الشجرة كل هذا؟
أوجدت شجرة بديلة سواها!
أسكنت عشًا آخر؟
حتى وإن وجدت، فلن تجد كهذه الشجرة، من فهمتك،واحتوتك، من كبرت بين ثنايا أوراقها.