رحمة خميس
في زاوية منسية بين أعماق الألم وضجيج الحياة، تختبئ كأنها نهر صافٍ ينساب في صحراء من القسوة. نغمة هادئة تلتقطها الأرواح المتعبة بحثًا عن راحة.
“رحمة”
هي مزيج قوة عاطفة بهدوء،
نسمة عليلة في ليلة وهجة،
ضوء شمعة في عتمة الليل الطويل،
صوت هادئ، يتحدث حين تصمت كل الضوضاء.
أول قطرة ماء بعد تشقق القلب كأرض عطشى انتظرت بكاء السماء لعقود.
لتُنبت الحياة حيث يظن الجميع أن النهاية قد حانت.
مزيج من الصبر والجلد كزوج أيوب “رحمة” زرعت نواة الإخلاص والحب بقلب أيوب، وكذراع واسعة احتضنت كل شيء حتى رُفِع البلاء.
كعصفور جريح، تطارده الحياة بأنيابها. لتمسحين على جناحيه
لتصبحين أنتِ الرحمة له من معارك الحياة.
يقول الكثير أن لها من اسمها نصيب ليس في العطاء وحده، بل الغفران.
أن ترين إلى جارحك يومًا، لتعطينه فرصة جديدة لا يستحقها، بل لأنكِ تملكين قلبًا أكبر من ألمه.
لِمَ الرحمة تتمثل في الغفران، ومسامحة الجارح الذي غرس سكين اليأس بداخلي،
الرحمة التي هي اسمي ليست ضعفًا، بل ثورة ناعمة ضد قسوة العالم، حفظًا لقلبي من أنينه كل ليلة يلهث وراء جارحه.
وفي أعماق الرحمة، أن تتوقف عن جلدها،
عن تعذيبها بخطأ لم يكن بيدها إصلاحه،
أن تعترف أنها إنسانة، تخطئ وتتعلم،
وتسقط لتنهض.
الرحمة هي صوت داخلي يقول لي كل ليلة: “كوني لطيفة مع الحياة، وستكون الحياة لطيفة معكِ.”
ولكن لِمَ الحياة لا تتلطف معي وتزهرني بها؟
لِمَ لا تحول الألم إلى درس، والظلام إلى وميض؟
هل أنا الرحمة التي يحتاجها العالم؟ الرحمة التي قد لا تتغير الأرض بأكملها،
لكن قلبًا واحدًا ينطق عن الهوى يكفي ليضيء الكون بأسره.