✍️ يوحنا عزمي
يظل اعتقادي هو ان غزة مقبلة علي تصعيد خطير لحرب إسرائيل عليها ، وأنه لن يكون هناك وقف دائم لإطلاق النار او حتي هدنة طويلة كما يتصور البعض ويراهنون عليه في المنطقة العربية.
فالهدف الإستراتيجي الأهم والاكثر استحواذا علي إهتمام حكومة نتنياهو وإدارة الرئيس الأمريكي ترامب خلال الفترة المقبلة ، لن يكون إيران وبرنامجها النووي حيث يمكن لتغليظ العقوبات وتعنيف الضغوط الأمريكية القيام بهذا الدور في احتواء وتحجيم تهديد إيران لإسرائيل مؤقتا ، وانما سوف ينصب الإهتمام كله علي غزة والضفة الغربية ، ومحاولة تغيير واقعهما الحالي بالقوة المسلحة بصورة جذرية شاملة مرة واحدة وإلي الأبد.
وانه لولا ان هذا هو الهدف ، لما كانت هذه الحرب قد طالت إلي هذا الحد ، ولما تكلفت كل هذا الثمن الباهظ في سابقة لم تحدث في تاريخ الحروب الإسرائيلية العربية .. فقد كانت كلها حروبا خاطفة ومحدودة المخاطر والتكاليف إلا هذه الحرب الطويلة والمكلفة من حروب الاستنزاف.
والهدف الذي ما زالت إسرائيل تحارب من أجله وسوف تستمر لفترة كذلك وبدعم غير مشروط من حليفها الأمريكي لها ، هو إخلاء غزة من السلاح ، واجتثاث مليشيات حماس وكل مظاهر تواجدها العسكري فيها ، وتفريغها من سكانها بترحيلهم وتهجيرهم خارجها ، ليخلو الأمر لامريكا لتفرض عليها سيطرتها المباشرة والدائمة ، وسوف يتزامن مع كل ذلك وقد يسبقه ، الإعلان رسميا عن ضم الضفة الغربية إلي إسرائيل لزيادة رقعة مساحتها من جانب ولاسقاط صيغة حل الدولتين كاساس لتسوية سياسية سلمية دائمة لهذا النزاع .. وهو ما ياملون في واشنطون وتل أبيب ان ينهار تلقائيا مع انهيار أسس قيام هذه الدولة الفلسطينية المستقلة من أرض وشعب وحكومة مسئولة عنها.
ومن هذا المنطلق اعتقد ان اي قرار سوف تخرج به قمة القاهرة الأسبوع القادم خاصا برفض التهجير وتثبيت وقف إطلاق النار والمطالبة بتنفيذ حل الدولتين لن يلقي سوف الرفض التام من قبل أمريكا وإسرائيل ، بذريعة ان هذا القرار العربي لا يوفر الحل الواقعي المطلوب لتسوية هذا النزاع ، وانه لابد من استفتاء سكان غزة، من خلال استفتاء دولي او أوروبي حر لايشارك العرب فيه ، حول ما إذا كان سكان غزة ، وربما سكان الضفة الغربية ايضا، يفضلون البقاء في أراضيهم او الرحيل منها إلي دول اخري
وان يتم هذا الاستفتاء قبل الشروع في عملية إعادة إعمار غزة بشكل خاص .. وهو ما سوف يعني المزيد من الإعاقة والعرقلة والتسويف في لعبة شراء الوقت التي برعوا فيها .. وحتي تصبح الأوضاع الحياتية للفلسطينيين في غزة مع الحصار والعقوبات ومنع دخول المساعدات ومع دمار المرافق والمنشآت وانعدام الخدمات في حكم المستحيلة ..
وهو ما يمكن ان تكون له تأثيراته الساحقة علي نتائج مثل هذا الاستفتاء الذي لا استبعد ان يكون احد شروطهم التي سوف يصرون عليها.
وعلي القادة والرؤساء العرب الذين سوف يشاركون في أعمال قمة القاهرة ان يضعوا هذا كله في حساباتهم وتوقعاتهم للموقف .. وللمسارات التي يمكن ان يتطور اليها او يتحرك من خلالها .. وان يكونوا جاهزين للرد علي اعتراضات أمريكا وإسرائيل بسيناريوهات قوية تقطع عليهم الطريق وتفسد. لهم خطتهم … وكفانا ما فعله وعد بلفور القديم وما فعله بفلسطين والفلسطينيين ، حتي نأتي اليوم بعجزنا وتخاذلنا في الرد عليهم او في التصدي لهم ، لنفتح لهم الباب علي مصراعيه لتنفيذ وعد ترامب الجديد.
وهذا هو مبعث خوفي الأكبر من كل ما سوف يجري في منطقتنا من الآن فصاعدا.