مقالات

سيناريو العملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة علي حدود تركيا

✍️ يوحنا عزمي

في عالم يزداد فيه الجنون الجيوسياسي ، لم يعد من المستبعد أن نرى إسرائيل تقف على عتبة الحدود التركية ، ليس ببعثة دبلوماسية ، بل بعملية عسكرية محتملة تقلب قواعد اللعبة في الشرق الأوسط وتعيد رسم خطوط النار بين أنقرة وتل أبيب.

الخلفية : عداء متصاعد تحت الرماد

رغم محاولات تطبيع العلاقات في السنوات الأخيرة ، لم تختفِ التوترات الجوهرية بين تركيا وإسرائيل. دعم أنقرة الصريح لحماس ، استضافتها قيادات فلسطينية ، واتهامها المتكرر لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة ، كلها عوامل غذت شعورًا متزايدًا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن أنقرة لم تغادر مربع “الخصم غير التقليدي”.

في المقابل ، ترى تركيا نفسها حامية للمسلمين في المنطقة ، وزعيمة روحية غير معلنة لحركات المقاومة ، وتسعى لتحجيم النفوذ الإسرائيلي سياسيًا وإعلاميًا وحتى عسكريًا.

الحدث المفترض : ما الذي قد يدفع إسرائيل لضرب الحدود التركية؟

تخيل هذا السيناريو :

تقارير استخباراتية إسرائيلية تؤكد وجود معسكرات تدريب لحماس أو الجهاد الإسلامي قرب الحدود التركية – السورية ، يتم فيها تأهيل مقاتلين وتخزين أسلحة بغطاء من أجهزة الأمن التركية.

عملية فدائية ضخمة داخل إسرائيل ، تتبعها أدلة تؤشر إلى أن مصدر التمويل والتخطيط جاء عبر الأراضي التركية.

إفشال عملية إسرائيلية استخباراتية داخل تركيا ، يعقبها تهديدات متبادلة ، وتندلع مناوشات على الحدود السورية التركية حيث تتمركز فصائل موالية لأنقرة وأخرى موالية لإسرائيل (مثل بعض وحدات الأكراد المتحالفة ضمنياً مع تل أبيب).

هنا ، تقف إسرائيل أمام خيارين : الصمت والمراهنة على الدبلوماسية ، أو توجيه ضربة خاطفة ومحدودة تحمل توقيع “الموساد” أو سلاح الجو ، تستهدف منشآت بعينها على بعد كيلومترات من الحدود التركية.

الرد التركي بين الغضب والواقعية

القيادة التركية ، بقيادة رجب طيب أردوغان ، ستندفع إعلاميًا بشراسة ، مستخدمة خطابًا عالي النبرة حول “العدوان على السيادة التركية”، وقد تعلن التعبئة الجزئية لقواتها على الحدود.

لكن الواقع الاقتصادي والسياسي قد يفرض حسابات أكثر براغماتية :

تركيا لا تريد حرباً مفتوحة ، خصوصًا وهي تعاني من ضغوط اقتصادية وعزلة نسبية عن أوروبا وأميركا.

حلف الناتو قد يضغط على أنقرة لتفادي التصعيد ، خاصة إذا روجت إسرائيل أن الضربة “استباقية” وليست عدوانًا.

ردود الفعل الدولية : صمت ثقيل وقلق متوازن

الولايات المتحدة قد تصدر بياناً تقليدياً يدعو إلى ضبط النفس ، بينما تميل في الباطن إلى تبرير التحرك الإسرائيلي كجزء من “الحرب على الإرهاب”.

روسيا ، التي تربطها علاقات مصلحية بكلا الطرفين ، ستلتزم الحذر ، لكنها قد ترى في التوتر فرصة لزيادة نفوذها شمال سوريا.

أما إيران ، فستستغل الموقف لتعزيز سرديتها ضد “المشروع الصهيوني التركي” وتمد ذراعها نحو أنقرة ، ربما بعرض دعم محدود ضد إسرائيل.

السيناريو الأوسع : هل هي بداية تصعيد إقليمي؟

إذا لم يُحتو هذا الاشتباك سياسياً ، قد ينفجر شرق المتوسط :

ـ مناوشات بحرية بين الأسطولين التركي والإسرائيلي.

ـ استهداف منشآت إسرائيلية في قبرص أو اليونان بصواريخ تركية أو عبر وكلاء.

ـ تحريك أدوات الحرب السيبرانية بين البلدين.

بل إن حماس قد تستغل الوضع لشن هجمات من غزة ، بينما الجيش التركي يستخدم هذا التصعيد لتبرير ضربات ضد قوات كردية تتعاون مع إسرائيل في شمال سوريا.

خلاصة تحليلية

العملية العسكرية الإسرائيلية المفترضة على حدود تركيا ، وإن بدت خيالية للبعض ، ليست بعيدة في زمن اللا منطق الجيوسياسي. هي لعبة شطرنج معقدة ، حيث كل خطوة محفوفة بمخاطر الانفجار ، ولكن أيضاً مليئة بفرص التمدد والردع.

ومع تآكل ثقة الشعوب في دبلوماسية “الابتسامات”، يصبح صوت الطائرات الحربية أحيانًا أسرع من صوت السفراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!