خواطر

حينما تُسرق السعادة وقلبك ينزف دموعاً

✍️ يوحنا عزمي 

في لحظة ما ، دون إنذار ، تشعر وكأن شيئاً ما قد انتُزع منك عنوة. ليس شيئًا مادياً ، بل أعمق من ذلك بكثير .. سُرقت منك السعادة. تُفتح عيناك صباحًا، ولا تشعر ببهجة الضوء، تضحك ولكن لا تصدق صوتك، تقابل الناس لكنك لا تراك في أعينهم. تنظر إلى المرآة فتجد وجهاً مألوفًا ، لكنه لا يشبهك.

كلنا مررنا بلحظاتٍ كهذه. لحظات يسرق فيها الحزن نبض القلب ويكتم فيه الألم الصراخ. لا دماء على الأرض ، ولكن القلب هناك في الداخل ، ينزف دموعًا لا تُرى.

حين تُسرق محفظتك ، تركض إلى الشرطة. حين يُسرق هاتفك، تعلن عن ضياعه. أما حين تُسرق سعادتك ، من تُخبر؟ من يسمع أنين القلب حين يخفت؟ من يلمح الغصة خلف ضحكة زائفة ؟

من يفهم أن هناك نوعًا من البكاء ، لا يُسمع ، لكنه يحرق الروح؟

نحن نعيش في عالم يطلب منك أن “تبدو بخير”، أن تبتسم في وجه الحياة ، ولو كانت الحياة تُغرس فيك مساميرها.

أحياناً ، لا يُسرق فرحك على يد مصيبة ضخمة. بل يذبل شيئاً فشيئًا على يد التفاصيل الصغيرة : خذلان صديق ، كذبة حبيب برود شريك ، أو حتى تلك الوحدة التي تتسلل إليك وأنت وسط الزحام. إنهم لا يهاجمونك ، بل ينسلون منك كما ينسل الحبر من ورقة مبللة.

الألم النفسي ليس ضعفا. البكاء ليس عيبًا. والخواء الداخلي ليس نهاية الطريق. القلب الذي ينزف بصمت يستحق أن يُحتضن، أن يُربّت عليه أحد ، أن يُقال له : “أنا أراك. أنا أشعر بك. لست وحدك.”

كم من الأرواح انكسرت لأنها ظنت أن لا أحد يهتم؟ كم من الأشخاص يبتسمون كل يوم لأنهم لم يجدوا أحداً يسألهم : “هل أنت بخير؟”

السعادة لا تُشترى ، لكنها تُبنى. لا تُمنح ، بل تُزرع. وقد يأتي يوم تشعر فيه أنك لا تملك حتى بذورها، لكن تذكر : كل فجرٍ يأتي بعد ليلٍ، وكل أرضٍ جرداء يمكن أن تُزهر إذا هطل عليها المطر المناسب.

اصرخ ، أبكي ، أحكي ، اطلب المساعدة. لأن النزف حين يستمر دون علاج ، يتحول إلى موت بطيء لا يستحقه أي إنسان.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!