بقلم – جلال الدين محمد
قبل أن تبدأ في مقاطعتي بنكتة تخلو من أي مدعاة للضحك، بسؤالك “ما نوع الخيانة التي قد تُقدم عليها الماعز؟ هل سوف تنفرد بأكل الأعلاف وحدها؟”. من فضلك لا تقل أي شيء من هذا القبيل حتى لا أكره الحديث معك، ودعني أشرح.
في بعض المزارع، يقوم صاحبها بالتودد لأحد أفراد القطيع، ويجعله يتميز عن غيره بأجود الأعلاف، وقيادة زملائه من القطيع لأماكن شرب الماء، وفي الخروج من أماكن المبيت للرعي.
يشعر هذا الفرد من القطيع بأنه ملك وهو ليس كذلك، حتى يبدأ صاحب المزرعة بتدريبه على قيادة القطيع لمكان الذبح. والهدف من ذلك توفير المجهود الذي كان سيبذله القائمون على المزرعة لجر هذا العدد الكبير من الماعز لمكان الذبح.
وتتكرر العملية مرة بعد مرة، وكلما نجح الخائن في قيادة قومه لحدفهم، كلما أغدق عليه صاحب المزرعة بالعلف والماء؛ تقديرًا على جهوده الكبيرة في الخيانة.
حتى يتقدم في السن وتخور قواه، ويجد صاحب المزرعة نفسه أمام خيارين، إما أن يتركه ليموت ويخسر بضعة كيلو جرامات من اللحم، أو يذبحه ويستفيد من لحمه. والخيار دائمًا يكون الثاني.
فبعض خيانته الأخيرة، يتحرك الماعز كالمعتاد نحو مكان المكافأة فيجد نفسه ملفوفًا بالحبال، مع إشارة إلى الجزار لينهي المهمة.
فيكون لحمًا عجوزًا رخيص الثمن، لا يُصنف ضمن الخيارات الأولى للشراء. حتى من علمه الخيانة يخجل وهو يعرضه في السوق، ويخفض من ثمنه كبضاعة بالية حتى يجد من يشتريها.
هكذا هم الخونة بيننا، مصيرهم محتوم. الذبح على يد من باعوا دينهم ووطنهم لأجلهم. فلا يساوي عندها التبن وغيره من العلف الأكياس التي حُمل فيها.
والطريف أن كل خائن يظن نفسه مميزًا عن غيره، وأنه وضع مختلف لدى من يطعمه العلف، وقادر على الاحتياط من إمكانية الغدر به. هكذا هم منذ فجر التاريخ، ولكن هيهات. لا ربحوا ولا ربح بيعهم.




