رحمة خميس
ها أنا استيقظ العديد والعديد من المرات داخل هذا الكهف اللعين، الذي يُعلن معه سجني التام في هذا الظلام الضيق كظلمة القبر، لا أرى لـ يدي أثر من شدة ما حل بالظلام.
لِمَ أنا هنا؟ وماذا عليّ أن أفعل؟
يأتيني ذلك الصوت الذي يصفع بعقلي ضربة أنني بحلم كعادتي،
أنسى ما أتيت لأجله.
لِمَ كُل مرة أكتب فيها عمل لمعرض الكتاب القادم أُسجن في أحداثي؟
أرسم هذا العالم وأتيه فيه طيلة مدة كتابتي، لِمَ كل رواية تسجنني بداخلها كل هذه المدة؟
أهذا لأنني البطل؟
لا
لكنني أعيش معاناته، وحبه، وحلمه الصغير الذي يكبر، وواقعه الذي هو من قلمي.
لكن لِمَ هذه المرة يحيطني ظلام دامس كقلبي؟
” أنسيت ما سرده قلمك أيها الأحمق؟ أنسيت ما فعله به أباك وتلك الكلمات التي سمم قلبك بها قبل نومك؟”
ذلك الصوت الذي يهز عقلي وقلبي معه، يأتي من بعيد أشعر معه باهتزاز روحي وشتاتي.
لِمَ أنا هش لهذه الدرجة؟ كلمة تُثقل شعوري، وتهز عقلي؟
لِمَ يُثقل قلبي هذا الشعور المُجهد؟
لِمَ لا استرد حقي من ذاك الأب النرجسي الذي يجعلني في كل لحظة أبغضه بشدة وتنهال عليه الدعوات من قلبي بموته؟
لقد فهمت وأخيرًا هذه الظلمة التي يجعلني أعيش فيها ذاك النرجسي.
“ستظل طفلًا حتى موتك أيها الأحمق”.
“هل ستظل تبغض والدك بشدة وتردد أنه السبب؟ أما زلت طفلًا يُلقي كل اللوم على ما فعله والداه؟”
“ألن تنضج وتلملم شتات ذاتك المتبقية؟”
“مَن مِنّا يريد العيش في هذه الظلمة الحالكة طوال حياته؟”
“هيا، قُم والحق بهذا الضوء الذي سينقذك من تلك العتمة القاتلة أيها الأحمق”.
أفتح عيناي على هذا الضوء الساطع من فوقي، أهذا سراب أم ضوء سطع ينقذني من تلك العتمة التي غمرتني دهر.
من ذلك الشاب الذي يمد لي يده؟ إنه يشبهني على أية حال.
“حلكة الظلام لا تعني أن النور ليس قادم، بل تعني أن الضوء اقترب على الاشراق، هيا صغيري، أمد إليك يدي لنخرج من هذا الكهف الذي سجننا به لسنوات عديدة”.
من أنت؟ ولِمَ تشبهني لهذه الدرجة؟ ما النفع الذي سيعود إليك عندما أخرج من هنا؟
“أنا من سبقك في الخروج منها، فهمت وأخيرًا أن العالم لن يتغير لإرضاء قلبي، ومهما اعتذر والداي على حماقتهم السابقة، لن يشفي هذا جرح الطفل الذي يعلق الآن في هذا الكهف وأمد يدي له الآن ولا يريد الخروج”.
هل الحياة بالخارج تغيرت؟ هل والدي توقف عن قول كلماته السامة لي؟
“لا يهم ما سيقوله من الآن، ما يهم هو انقاذك من هذا السجن، ستجد معي الحب الذي افتقدته، والأمل الذي يداعبك نوره الآن، سآخذ بيدك يا طفلي الداخلي من الغرق في ظلمة الماضي، للنعيم الذي سيوجهك لعنان السماء”.
هل أخرج معه الآن؟ هل أعود معه لحياتي السابقة؟
لا أعتقد أنني سأعود لحياتي السابقة،
أريد حياة مليئة بحب، انظر للسماء أشعر بصفاؤها في قلبي، ومطرها يغمر قلبي سعادة تزيل عني كل ذلك الوجع الذي باغتني وظل بكهفه لسنوات.
يأتينا الفرج بغتة، يُنسينا ما حل بنا لسنوات وسنوات طوال، يركع معها الحزن في سجدة، ويُنتزع من القلب حيث جاء،
أعيش حياة مثالية عما سبق، مثاليتها في الرضا، والصبر عما يصيب القلب، حتى لو استمر لسنوات.
ستأتي الفرحة المباغتة لقلبك تمسح عن قلبك الوداع، الدموع، الحزن، والحلم الطويل الذي لم يتحقق، جائت الفرحة ملأتني بالسعادة حتى بلغت منتهاها.