✍️ يوحنا عزمي
لا يمكن فهم حصاد 2024 ، إلا وانت تكتب حصاد إدارة جو بايدن (2021 – 2024) كمقدمة لما جري في 2024.
تكليفات النظام الغربي لإدارة جو بايدن كانت ما يلي :
ـ نشر نموذج اللادولة وقواميس الصوابية وقيم العولمة في إطار الحرب النفسية والفكرية وحروب الوعي والمعنويات.
ـ إعادة احياء المشروع الوظيفي الإسلامي وإعادة ربط الأجندة الامريكية بجماعات الإسلام السياسي بعد قيام ترامب بفك هذا الارتباط.
ـ تفكيك سياسة ترامب بحصر الخلاف الأمريكي الصيني في الملف التجاري وتحويله إلى نزاع عسكري في الشرق الأقصى ـ شرق اسيا ـ جنوب شرق اسيا ـ وتحويل تايوان إلى أوكرانيا رقم “2”.
ـ بدء الحرب مع روسيا عبر أوكرانيا وانهاء تفاهمات ترامب ـ بوتين حول العلاقات الغربية الروسية ، حرب إلغاء روسيا من التاريخ والعالم فلم يكتف الغرب بالشق العسكري من الحرب ولكن جري ضرب سلاسل الإمداد الروسية وصناعة النفط والغاز الروسي وشطب الأدب والفن والرياضة الروسية من المحافل الدولية والمتاحف العالمية والجامعات والتعليم في أوروبا وامريكا.
ـ سن سياسة الدولار القوي ضمن حرب العملات الثالثة التي بدأت عام 2008 ، هستيريا رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة ما أدى لرفع قيمة الدولار الأمريكي أمام كافة عملات العالم بلا استثناء.
ـ إدارة الصراعات الدولية عبر دول وجماعات وظيفية دون الانخراط عسكرياً ، مع الادعاء بالسعي لحل تلك الأزمات وتقديم المبادرات والوساطات ، والهدف مهما كان يبدو محلياً او اقليمياً إلا أنه ينفذ أجندة غربية أمريكية بحتة.
ـ التخلص من حكومات اليمين القومي في أوروبا والدول الوطنية في دول الجنوب ، وعلى رأسهم حكومة بوريس جونسون في بريطانيا حتى لو أدى ذلك إلى إنهيار مؤقت لحزب المحافظين البريطاني العريق.
ـ الاعتماد على “اليسار الوظيفي” ( يسار العولمة الأمريكية النيوليبرالية الرأسمالية) في التصدي لموجة صعود المد القومي واليمين القومي.
ـ إحياء مشروع القرن الأمريكي ، وخرائط برنارد لويس لتقسيم المقسم ، والشرق الأوسط الكبير ، وقناة بن جوريون ، والتوصل لمشروع الممر الهندي الصهيوخليجي الأمريكي لضرب طريق الحرير الصيني الجديد.
ـ حرب الامبراطوريات الآسيوية : توظيف الهند لمنافسة وإرهاق الصين ، وتأسيس ناتو آسيوي مع كوريا الجنوبية واليابان لتطويق الصين.
ـ إعادة ضبط إيقاع المشروع الوظيفي الإيراني بعد ان تجاوز الخط الأحمر بالتعاون مع روسيا في الحرب الأوكرانية ومحاولة تأسيس محور يضم روسيا والصين وكوريا الجنوبية وايران.
والهدف .. إعادة إيران إلى بيت الطاعة الأمريكي عبر خسارتها اذرعتها في فلسطين وسوريا ولبنان ـ وربما اليمن خلال الأسابيع المتبقية من إدارة بايدن ـ حتى يصبح أمام طهران أمرين لا ثالث لهم .. اما التنفيذ الكامل لإملاءات الغرب او ان ينقل الغرب مشاهد ما جري في العراق ولبنان وسوريا إلى داخل إيران.
ـ إحياء الدور الوظيفي الإسرائيلي من أجل توازن لعبة فرق تسد بالشرق الأوسط وتنشيط المشاريع الأمريكية والغربية بالمنطقة.
ـ إعادة إستراتيجية حروب الجوار الروسي وتطويق روسيا بحزام من الثورات الملونة في الدول السوفيتية واليوغوسلافية السابقة.
ماذا حدث في 2024 ؟
ـ الإحتلال الإسرائيلي يعود إلى لبنان للمرة الأولي منذ عام 2000 إحتلال 60 قرية حدودية جنوب لبنان والسيطرة على شريط حدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة.
ـ الإحتلال الإسرائيلي يتوغل في سوريا للمرة الأولي منذ عام 1967، ليبسط سيطرته على محافظة القنيطرة ودرعا والسويداء وريف دمشق ، ويصبح على مرمي 15 كيلو متر من العاصمة دمشق.
ـ الإحتلال الإسرائيلي يكمل سيطرته على المحافظات الخمس التي يتألف منها قطاع غزة للمرة الأولي منذ عام 2005.
ـ تصفية المشروع الإقليمي الوظيفي الإيراني ، وهزيمة مفردات المشروع الإيراني فيما يتعلق بـ وحدة الساحات وجبهات الإسناد والاذرع الإيرانية ، وخسارة إيران لنفوذها في غزة ولبنان وسوريا وتقلص نفوذها في العراق واليمن إلى حين.
ـ للمرة الأولي في تاريخ المنطقة ، غارات إسرائيلية على اليمن وغارات علنية على إيران ، ليصبح العمق الإيراني مكشوف أمام إسرائيل علنا للمرة الأولى.
ـ تصفية النفوذ الفرنسي في غرب أفريقيا او ما يعرف بفرنسا الأفريقية، وهذا الانهيار كان هدف بريطاني أمريكي انجلوساكسوني قبل ان يكون هدف روسي.
ـ سقوط الجمهورية العربية السورية وانهيار الدولة السورية أمام الجماعات الإرهابية المدعومة من الغرب وعدداً مما يسمى بالدول العربية والإسلامية.
ـ إنهيار الوصاية السورية على لبنان، والوصاية الإيرانية على سوريا.
ـ إنهيار عملي لحزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة وحزب البعث الاشتراكي في سوريا.
ـ صعود التيار القومي الوطني في الإنتخابات الأمريكية سواء الرئاسية او الكونجرس ، وانتخابات البرلمان الأوروبي.
ـ تنحي جو بايدن عن خوض الإنتخابات الرئاسية ، وهزيمة كامالا هاريس، يفتح الباب أمام تقاعد جيل الكبار في الحزب الديموقراطي مقابل صعود جيل جديد يطلق عليها ـ مؤقتاً ـ مصطلح “الجمهوريين الجدد”.
ـ إسرائيل تقوم بإحياء خراط الانتداب الفرنسي على سوريا وتدعو لإقامة جمهورية للدروز في الجنوب وجمهورية للكرد في شمال وشرق سوريا.
ـ فشل خطة أمريكية لإيجاد قدم للجيش الأمريكي في قطاع غزة تحت مسمى الرصيف الأمريكي العائم لقطاع غزة.
ـ فشل مخطط إسرائيل تسليم حكم مناطق في قطاع غزة للعشائر الفلسطينية في القطاع.
ـ الغرب برداء الجيش الاوكراني يبدأ غزو غرب روسيا ، وأول قوات إحتلال تطأ الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.
ـ كوريا الشمالية تعلن مشاركتها رسميا في الحرب الأوكرانية بجانب الجيش الروسي.
ـ إسرائيل تنفذ سلسلة من الاغتيالات والتصفيات تشمل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ، وقادة حماس إسماعيل هنيه ويحيي السنوار ، وقادة حزب الله حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ونبيل قاووق.
ـ إنهيار الائتلاف الحاكم في المانيا وبرلين تذهب إلى إنتخابات مبكرة عام 2025.
ـ فرنسا تشهد ثلاث حكومات وثلاث رؤساء للحكومات في اقل من عام وتآكل سريع لنظام ايمانويل ماكرون أمام صعود اليمين القومي واليسار الجديد.
ـ أداء باهت لحكومة اليسار الليبرالي في بريطانيا برئاسة كير ستارمر.
ـ إندلاع احتجاجات في جورجيا وصربيا ضد الحكومات الموالية لروسيا.
ـ تشكيل حكومة في غرب السودان تابعة لميلشيا الدعم السريع لتصبح السودان ذات حكومتين على غرار السيناريو الليبي.
ـ بدء تجهيز غرب ليبيا لتصبح منصة لإعادة إشعال الأزمة الليبية.
ـ الإخوان يكتسحون إنتخابات برلمان الأردن للمرة الأولي ، وأمير دولة الكويت يجمد العمل بالبرلمان ويحرر بلاده من وهم ومؤامرة الديموقراطية إلى حين ، وأمير قطر يطرح تعديل دستوري يلغي قيام الشعب بانتخاب بعضاً من أعضاء مجلس الشوري والشعب يوافق على التعديل في تصويت عام.
ـ فوز باهت للاغلبية الهندية في الإنتخابات البرلمانية وعودة عائلة غاندي ـ نهرو لتصدر مقاعد المعارضة في البرلمان الهندي.
ـ نجح الغرب في مسعاه الذى بدأه منذ ولاية باراك أوباما الأولى تحويل سوريا إلى قاعدة مركزية للإرهاب والفوضى الخلاقة من اجل تصديرها إلى الدول المستهدفة في الشرق الأوسط والأدني والأقصى ، الإحتلال التركي يسيطر على شمال سوريا والاحتلال الإسرائيلي يسيطر على جنوب سوريا ، تحتل أمريكا حقول النفط في شرق سوريا وتسيطر روسيا على الساحل السوري في غرب سوريا.
ـ التغيير في سوريا يوضح ان إدارة جو بايدن نفذت آليات أوباما في إستخدام تركيا وقطر كـ”وكلاء” للاجندة الأمريكية في الشرق الأوسط.
ـ الإسلام السياسي يتسلم الدولة السورية ، وتنظيم القاعدة للمرة الأولي في التاريخ يتسلم حكم دولة ، فحتى في سنوات العصر الذهبي للتنظيم في أفغانستان كانت حركة طالبان هي الحاكم وتنظيم القاعدة مجرد ضيف.
ـ تمهيد الشرق الأوسط لمخطط “الربيع العربي الثاني”، وذلك بعد الربيع العربي (2011 – 2013) الذى خسر أمام الربيع العربي المضاد (2013 – 2015) وبروفة مصغرة جرت فيما يُمسى بالربيع العربي المصغر (2019).
ـ فشل كافة المخططات الغربية والأمريكية والإسرائيلية والإيرانية والتنظيم الدولي للإخوان في استهداف مصر.
المشهد الختامي لعام 2024 .. كل المشاهد مؤقتة والعالم اجمع وليس سوريا فحسب يمر بمرحلة انتقالية على ضوء عملية تسلم واستلام في واشنطن بين إدارة جو بايدن وإدارة دونالد ترامب الثانية ، على ضوء الاختلاف الصارخ بين أجندات الإدارتين.
مصر الدولة الوحيدة في دول الجنوب التي انتصرت وصمدت على كافة أدوات المؤامرة ، إنتصار ساحق للاجندة الأمريكية ووكيلها في المنطقة المشروع الإسرائيلي ، احياء مؤقت للمشروع الوظيفي التركي ينتظر موافقة او رفض إدارة ترامب.