ضياء علي الدعاس
قد يمضي الإنسان عمره باحثًا عن شيء لا يراه، لكنه يشعر به… شيء يوقظه كل صباح، ويدفعه ليكمل الطريق رغم التعب؛ ذلك الشيء، هو الرسالة…ليست كل رسالة مكتوبة على ورق، ولا كل رسالة تحتاج بريدًا لتصل هناك رسائل خُلِقنا لنحملها، لا تُقرأ بالحروف، بل تُترجم بالأفعال، وتُروى بالحياة
ما الرسالة؟ أهي كلمة تُقال؟ أم وصية تُكتب؟ أم هي سرٌّ يهمس به الضمير في جنح الليل؟ إنها أعمق من ذلك كله؛ إنها نبض في القلب، ونداء في النفس، لا يسكن حتى يُجاب ؛هي دعوة من السماء يسوقها القدر في هيئة حلم، أو محنة، أو خاطر لا يفارق صاحبه
وما أعظم أن يُولد الإنسان وقد نُسج في قلبه خيطٌ من نور يربطه بما خلق لأجله؛فإن أدركه، استراح، وإن ضلّ عنه، ظل تائهًا وإن مشى على نور الشمس…لا شيء يؤلم الروح كأن تعيش بلا رسالة..أو تعيش برسالة ليست لها
الناس في الحياة صنفان
منهم من يعيش لنفسه، لا يسمع سوى صوته، ولا يرى إلا ظله، فيمضي كما يمضي الماء في الرمل، لا يترك أثرًا ولا يروِي ظمًأ…
ومنهم من يعيش لغيره، يحمل في صدره نورًا يهتدي به التائهون، وكلمة تشدّ على يد المنكسرون ،ورسالة يعمّر بها الخراب من حوله…
إن الرسالة ليست منصبًا، ولا شهرةً، ولا مالًا…قد تكون الرسالة في قلم صادق يكتب…أو في قلب أمّ تُربي، أو في فكر شابّ يضيء طريقه وطريق غيره؛وكلما كانت الرسالة أصدق، كان الطريق إليها أشقّ؛لكنها وحدها ما يجعل للحياة معنًى، وللعمر قيمه
فيا من تقرأ، لا تسأل ما الذي أريده من الحياة!؟
بل اسأل ما الذي يريده الله مني؟ علّك تُصغي لنداءٍ خافتٍ في داخلك، يناديك باسمك…ويذكّرك بما خُلقت لأجله؛فاستجب..
فإن من عاش برسالة، عاش حيًّا وإن مات ومن عاش بلا رسالة مات وإن مشى على قدميه.