بقلم /سامح بسيوني
الشمس تستعد من أجل الغروب، السكون يخيم على المكان، غرفتي سيطر عليها الظلام، كأن أشباحًا تدور من حولي، خيال من بعيد يصور لنا صورًا شاحبة اللون حزينة، ففي تلك اللوحة العاتمة؛ أردت أن اصور فيها بعضًا من آلامي وأحاسيسي الممزوجة بالحسرة والضياع، على حب ترك المضاجع وهجر الديار، أريد أن أبث فيها من الحزن والأشجان٠
فقلبي هو الذي يسطر تلك الكلمات؛ فالقلب لا يكذب بل هو المعبر عن مشاعري ووجداني هو الترجمان عما يدور بداخلي و كياني في الحال؛ فقلبي يريد حبًا صادقًا، في مجتمع غاب عنه الحب مع ليل تغشى بالظلمات ونأمل أن يعود إلينا كعودة مشتاق للبلاد، فلم يعد هناك راحة قلب ولا هدوء ضمير؛ لأن الريح عاصفة و الموج يشتد من كل مكان؛فتعصف بنا الأحداث عصفًا يزلزل كيان النفس مزعزعة تشتد فيها الأفئدة بالحسرة والندمان٠
في الماضي البعيد كنت في مطلع شبابي، وبواكر صبايا؛ كان الإنسان هو الإنسان، فالحب كان شجرة تظللنا نستظل بظلها، نزهو ونحبو فيها كحبو الطفل الفرح بالحياة؛ حتى ترعرعنا وكبرنا فملأنا الكون بسمات وأحلام، وكنت من غفلتي أحسب الحياة على ذاك المنوال رخوة لينة؛ لأنها عامرة بالحب والوفاء والاخلاص؛ فكانت؛ القلوب تنخلع من المفاتن سلامًا ونورًا فكل ذلك هو غاية الأمل ونهاية المطاف٠
وها هي الأيام تستدار بهيئتها كيوم خلق الله السماوات والأرض؛ فيحدث في المجتمع جفوة غريبة، فضاع العهد والوفاء وحل مكانها الغدر والخيانات، فهل تراك يا قلب معتبرًا بما رأيت من تجارب قاسية مليئة بالألام؟ ألم تر يا حبي بأنك صورت لنا الحياة جنة مسحورة تشدوا فيها البلابل بأحسن الألحان؟
كنت يا حبي تسعدنا ببهاء نورك، كخرير مياه ينزل من ربوة عالية؛ فيملأ الكون رياضًا خضرًا تصفو لها النفس بهجة وهى مستبشرة بالأفراح و ممزوجة بالخيرات والبركات، فتبدل الحال وجفت الجنة وغيض الماء وأقلعت السماء ومحقت البركات؛ بظلمك يا إنسان وتحطمت الأماني و خابت الأحلام٠
وأصبحت الدنيا قاتمة عاتمة؛ لا يرى منها إلا أشباحًا مخيبة للأمال٠ فأنظر إلى ماض أتحسر فيه على حب ضائع، وأتفجع من حاضر فان وأخاف من مستقبل ضائع، بغيابك يا حبي، أصبحت الدنيا كشجرة ملعونة يصعب الأكل من ثمارها ولم يعد لي رغبة في شهواتها وماتت الاحلام في شبابها كشجرة اجتثت في الحال، فهل تراك اعتبرت يا قلبي من قسوة الأيام؟ فالحب متمثل فى أمل يبث في القلب حماسة ورغبة في الحياة٠
فهل نستيقظ من غفلتنا ونبحث عن ذاك المفقود في التو والحال، نبحث عن الإنسان عن قيم و وفاءو أحلام؟ ياترى هل سيعود الحب إلينا بعدما طاف الكره والنفاق؟ أنتظر من بعيد همسات فجر؛ تعلن شروقًا جديدًا للحياة، فهل من أمل أن يعود الحب إلينا كما كان؟ فالحب الآن في بئر عميق ينتظر قافلة العزيز؛ ليخرجه من غيابات الجب والظلام، فهل ستتعجل القافلة من بعيد أم حالها هو البعد والهجران؟