ابداعاتخواطر

فقط وهم

عبدالله الحداوي

وحدي.. ولستُ حتى مع الجريدة جالسًا، قد اعتزلتُ القراءة برهةً كانتقام من زمانٍ عجزتُ فيه أن أجد من يطالعُ ثنايا الروح فيفهمُ كلمةً، أو يدققُ في غلافي الخارجي، أمشي متوكئًا على ترددي في كل شيء، متزنًا في خطوتي بين هيبة الكتاب وسذاجة المراهقين، ولستُ من هؤلاء ولا هؤلاء.. 

أنا فقط وحدي 

أراني أحاول حل أحجية التماسك، وزادي من اليقين الملائكي لا يبلغني باب غرفتي حتى، ولكنني أسيرُ لأن التوقف بات أكثر خطورة من السير للمجهول في زماني.. 

أنا فقط أسير 

أسيرُ أسيرًا لأفكارٍ كفرت ببوح المتكلمين، ووقَفَت شوكةً في حلق أقلام الرواة، فلا هي عن الروح تنجلي، ولا تتجلى فيُنظرُ في أمرها فتبقى أو تنتهي، لا تُحكى ولا تُبكى.. 

هي فقط فكرة 

تتخبط الأفكار وتعلن بُعدها الكلي عن فن السياسة والتحاور، دون أدنى رفقٍ منها بهشاشة خاطري وجهلي بعلم الغيب وقُصر فهمي عنه، وإن صار أمام ناظري جليًا، وصبري يرتدي قبعة الإخفاء حين ما أحتاجه.. ويتركني مع الجريدة المغطاة بغبار العابرين، ونصف كأسي الممتلئ باللاشيء مع انعاكسي، ها هنا نجمة مجهولة وهناك قلبي، ها هنا الخيال والوهم ممزوجان بطريقة توحي بأنهما واقع على وشك الحدوث، أو عيد منتظر ستقام شعاؤره في عقل الكاتب فقط، ويأذْنُ بعدها أذان الحقيقة؛ فيصحو كل وجع واقعي.. 

هو فقط واقعي 

وإنني ختامًا أرجو المعذرة.. 

معذرةً لسائق الحافلة، فلست أذكر هل دفعت أجرتي ولا أين وجهتي أو الموقف الأخير. 

ومعذرةً لصوت الخيول إذ تصهل في طريقي، فليس يثير في نفسي حماسة المحارب كما قد كان يفعل.. 

ومعذرة لبعض معارفي الحمقى، حيث أنني لا أستطيع اليوم سماع المجاملات ومراعاة سطحيتهم السخيفة. 

ومعذرة للأجيال القادمة، فلست أجد صيغة تعبير وجيزة تبرر أن كل هذه الفوضى كانت ثورة أصلًا ! 

ومعذرة لكل نص بات على الورق ولم يسعفني الشعور لأكمله 

ومعذرة يا أنا.. فلست مسؤولًا عن احتواء الخيال..

 كما لست مسؤولًا عن غياب القمر 

ومعذرة إلى من يقرأ.. ربما لم تجد ما تريد سماعه بين كلماتي، وربما ليس يعجبك الكاتب ولا المكتوب، ولكن التمس عذرًا لمن بات حيرانًا على سفح الهوى، فلا هو يهوى ولا هو يهوي ولا هو يمضي ولا هو يبكي.. 

هو فقط يكتب.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!