ابداعات

حين نؤجل الألم

إسماعيل السيد 

 

يخدعك النادل أحيانا، فترى في عينيه الحب و المحبة، ما أجمل الحب والمحبة ثم تكتشف بعد ظنك أنه يريد منك “البقشيش” ولكنه يحبك لوجه الله فتسعد ويخيب ظنك لأنك قرأته دنيا فاجرة ونسيت مبدأ الطيب وحسن النوايا…ومع ذلك تسعد حين يحبك الإنسان …! لوجه الله .

    تخدعك اللحظة وينشغل عقلك بأن القليل من الفول المسلوق المملح، مع رأس من الثوم لن يفِيَا بالغرض لتكمل زجاجتي الخمر الرخيص فتنسى أنك تشرب لتغالط الدنيا وإذا بالكأس يضيع منك وأنت مشغول بحبات الفول التي لن تفِيَ بالغرض و تقتلك الحسرة والندم وداخلك صوت يلومك ماذا لو أخذت قليلا من البسباس مع حبة ليمون وملح سيكون الأمر مغريا حدّ الثمالة لتنسى .

 

يخدعك الكأس فتشربه بكل مرارته وحيدا وتنسى النديم والرفيق والجليس والضيف… اليوم يخدعك الماضي حتى عادات الضيافة تغيرت لأنه لا وجود للضيف ولا وجود لمعنى الضيافة طالما المضيف يعلمك بتكاليف المشتريات قبل أن تبدأ في الأكل 

    تخدعك الفلسفة وشدة التفكير والكل يردّد : 

الإنسان مجرد نقطة في هذا الكون، فتضحك كثيرا وتبكي قليلا، وأنت تشاهد من ينسى الموت ويلهث وراء الاموال يكدسها كما لو أنه سيجمع رصيدا يلاقي به ربه ويرشو بها الملائكة ليختار مكانا له في الجنة او النار او اللاشيء…تبكي قليلا وأنت ترى من يشكو الضيق وسوء الحال كما لو أنه سيموت اللحظة وبطنه خاوٍ من الحلوى….تبكي قليلا وتضحك كثيرا حين ترى الكل يطحن الكل طمعا في الكسب والربح سعيا وراء سعادة زائفة زائلة…أجود الخيرات أكلناها وفي بيت الخلاء لفظناها!! متى تشبع المعدة وتكتفي؟؟ أجود الملابس لبسناها وحين بلِيت رميناها وكذلك الجسد يبلى ونهايته التراب ،متى سنعرف أننا عراة حفاة يوما سنلتقي؟؟؟…أضحك كثيرا وأبكي حين أقف عند هذا الحدّ أرى فعلا وأصدق أن الإنسان مجرد لا شيء في هذا الكون…

    يخدعني كأسي كثيرا من الأحيان فأرى الله وقلبي، وأرى الإنسان والحياة فأحب ربي وجميع خلق ربي …يتسع القلب فيتمثل جميع الخلق ويحتويهم ويصبح القلب المحب هو الكون كله والكون مجرد نقطة ضئيلة لا ترتقي إلى نبضة واحدة من دقات قلبي…أضع الطيبين في الشريان النابض وأزهو بطيبهم وأعطيهم من طيبتي ، وأضع الأشرار في النبض ضاحكا مبتسما كي لا أردّ عليهم الشر بالشرّ وإنما أتركهم للنبض لو قتلوني كنت بريئا ولو تركوني كنت صابرا عسى أن تغلب المحبة أمرهم، وإن لم يتغير حالهم فأمرهم عند ربي ونبض قلبي يرقصون على ايقاعه وأنا أشاهد رقصهم ضاحكا لا مباليا…

    الإنسان هو الكون ،والكون مجرد نقطة ضئيلة في قلب الإنسان الذي يحمل هموم الدنيا ويريد الخير للجميع…الإنسان هو الكون حين يصرخ رافعا شعار الطعام لكل فم !! والأرض للجميع !! وكل من عليها جدير بأن يحيا ….

   حين يرى الإنسان الله بقلبه يصبح كل شيء مجرد نقطة والباقي فقط الله والإنسان.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!