ابداعات

عزيزتي

إسماعيل السيد 

 

لقد كانت جيدة،

فيما يتعلق بطبخ الأحداث والحوارات 

مثلًا،

يمكنها أن تفتت ست ساعات؛

لتحكي عن قطة نجت من حادث دعس 

راسمة الحبكة 

والتشويق،

مشهد الهلع في العيون المحيطة بالقطة،

سائق الشاحنة، شاربه الأبيض نظراته القاسية.

ستقول أن وجهه ليس بشرير،

هو وجه رجل نجا من حب مسرع.

 

لقد كانت جيدة في الدفاع عن المرأة، أحب فيها ذلك.

حديثها عن معارك النساء،

وهي تعد غداء، يناسب فوضى ذلك اليوم 

وأنا أُراقبها،

عنقها المنحني على قطع الخضار، يديها الممسكتين بالسكين، كمحاربة شرسة 

في معركة ضد الوقت. 

في تلك اللحظة وهي تُثرثر عن غيرها 

أقول في داخلي:

“أن الصمت الذي يتوسط كلماتها، التنهيدة التي تخرج دافئة، كموعد منتظر 

أن تفاصيلها الصغيرة تلك 

تزهر،

أكثر من كل ما أنجزه الرجال والنساء 

على مر الشعر،

والحب”

 

كانت 

تحب القهوة،

لهذا كان ظلها فخورًا بنفسه،

كانت القهوة تحبها وهو سبب كافي لتكون القهوة قمحية، أو مائلة قليلًا للون ابتسامتها 

حين تضحك دون قصد.

 

ثم،

أنني حين التقيت بها، 

كُنت جامع معاطف بسيط، أعمل بنصف دوام.

أجمع من الأشجار معاطفها التي تتفتت في صورة أوراق،

أجمع عن البحر معاطفه التي تتبعثر، كمراكب مخروقة وبحارة ثملين.

أجمع عن النساء معاطفهن التي تتساقط كأحزان، أو كرجال خائنين.

أجمع عن قلبي معاطفه التي تتساقط 

كتنهيدات مُرة تركض بأرجلها الحافية على الورقة تاركة آثار وحل،

ومشاوير مفتقة من الكم الأيسر للطريق.

 

ثم كان علي أن أجمع معاطفها هي الأخرى

لكنها،

كانت بلا معاطف،

كانت امرأة حُرة تماما.

 

حين تمطر، لا تختبئ، بل تُقيم سلامًا مع الماء،

أو تصبح هي نفسها ماء،

حين يشتد الشتاء.

تخلع النافذة،

الشتاء لا يطرق البيوت التي تخلع نوافذها؛ لأنه يشك في كل غرفة مفضوحة أحزانها للخارج،

إنه يشك ويصدق شكوكه.

 

حين التقيت بها،

كُنت أتدرب في أوقات الفراغ على الموت.

أجل،

مثلًا أستشير الأشجار هي الخبيرة في رائحة الأخشاب،

أي نوع من الأخشاب مضاد للصمت، ولا يتسوس بالوحدة؟ 

دائمًا ما تقول الأشجار،

أنه لايوجد خشب مضاد للوحدة.

يجب أن تاخذ معك ما يكفي من الحب فحسب،

وكنت أسأل 

الإتساع،

هل القبور واسعة هناك؟

الإتساع لم يمت من قبل،

لذا يصمت مسترسلا في التفكير.

 

كُنت أسأل العشاق، كم مرة متُّم؟

إنهم يموتون في كل مساء؛ لأن الإنفكاك هو قطار ذو أسنان حادة، يشطر اللحظات 

ويحمل الرطوبة الطازجة للمقاعد، لمقعده الداكن خلف التلال.

 

كنت أسأل الثمار،

عن السقوط، 

وكانت النساء حولي يشعرن بالخجل.

الثمار لا تسقط، بل ترحل لأشجار أكثر دفئًا

وكنت أسأل جسدي، 

هل ستحتملني؟

وكان يموت حينها، من صعوبة تخيل المشهد.

ثم سألتك حينها،

هل التدرب على الموت يساعد؟

فقلتِ:

أجل.

إن كنت أنا جنازتك.

 

لقد كانت جيدة في التقبيل،

كثير ما أنسى فمي معها، وأتذكره حين ينبغي أن أرد على سؤال.

 

كانت تُجيد العناق،

كثير ما أنسى أذرعي معها، واتذكرهما حين ينبغي أن أخلع القميص.

 

كثير ما أنسى وجهي معها،

أتذكره وأنا أبحث عن اتجاه المنزل.

 

و كثير ما أنساني بالكامل معها،

وأتذكرني،

حين أحاول الإستحمام،

أو كتابة قصيدة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!