✍️ يوحنا عزمي
يجب ألا تخدعنا او تنطلي علينا الدعاوي الخبيثة والمضللة التي ستصدر عن إدارة ترامب الجديدة ، وهي إدارة أمريكية صهيونية بامتياز ، والخاصة باقتراح عمل إخلاء جزئي مؤقت لبعض سكان قطاع غزة وترحيلهم إلي عدد من الدول الخارجية من بينها إندونيسيا كما تردد في الإعلام ، وذلك إلي حين تنتهي عملية إعادة إعمار غزة وبعدها يمكنهم العودة إلي ديارهم التي نزحوا منها.
ما سوف تقترحه إدارة ترامب هو إخلاء قسري غير مباشر ، اخلاء في اكثر صوره التآمرية علي فلسطين وشعبها خبثا ودهاء ، فهذا الإخلاء الذي سيتم الترويج لفكرته علي أنه مؤقت ، سوف يتحول مع الوقت الي إخلاء دائم ، وليتحقق بذلك للإسرائيليين هدفهم من حربهم الأخيرة علي غزة بإعادة احتلالهم لها ، وتكثيف استيطانهم فيها باخلائها تدريجيا من سكانها واحلالهم بمستوطنين صهاينة لياخذوا مكانهم ، وليفرضوا واقعا ديموجرافيا جديداً علي الأرض سوف تتغير معه معالم غزة العربية ولنصبح بعدها أمام مدينة إسرائيلية جديدة وقد خلت تماما من سكانها الاصليين ، ووقتها لن يسمحوا لنازح فلسطيني واحد منها بالعودة إليها لأن القرار في ذلك سوف يكون للإسرائيليين وحدهم ..
وهذا التوقع لن يكون بعيدا عن الواقع بحال .. فهو الهدف الحقيقي من كل ما يجري التخطيط له الآن لقتل حل الدولتين وافشال مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة إلي الأبد.
وهذا المخطط الأمريكي الإسرائيلي الجديد ينسجم تماما مع دعوة الرئيس ترامب إلي إعادة النظر في حجم أراضيها الراهن الذي لم يعد يكفيها ، وهو ما يرقي إلي مستوي تحريضها وتشجيعها علي ضم كل ما يمكنها ضمه إليها من الأراضي العربية التي نقع تحت سلطة احتلالها لها .. ولهذا صدرت هذه الدعوة الجديدة عنه ترجمة لأفكاره في خدمة المشروع الاستيطاني الصهيوني الذي يعد ترامب وإدارته من أقوي داعميه وممشجعيه.
وقد يساعده علي ذلك تصوره او توقعه ان من سوف ينزحون من قطاع غزة إلي خارجه سوف يحاولون علي قدر امكانهم توفيق أوضاعهم الحياتية والوظيفية في الدول الجديدة التي سيقيمون فيها مع اسرهم ، وبما سوف يجعل من الصعب عليهم مع الوقت ترك هذا كله وراءهم والعودة إلي سابق ما كانوا فيه من أوضاع أمنية وحياتية متوترة وغير مستقرة ولا مستقبل لهم فيها واضعين في اعتبارهم ان غزة الجديدة والتي سوف يملاها الإسرائيليون بالمستوطنات اليهودية ، سوف تكون غزة اخري غير تلك التي تركوها وانهم سيكونوا غرباء عنها ولا مكان لهم فيها.
وسوف تكون هذه هي النتيجة النهائية المتوقعة لهذه العملية الاخلائية الشيطانية الجديدة التي سوف تتبناها إدارة ترامب والتي قد تبدو للبعض منا إنسانية في أهدافها ودوافعها ورحيمة بالفلسطينيين في ظاهرها بانتشالها لهم من الجحيم الذي يعيشون حاليا فيه ، ولكنها في حقيقتها هي السم الناقع بعينه وهي النهاية التي طال انتظار الصهاينة لها حتي تصبح فلسطين كلها لهم ولنصبح امام إسرائيل الكبري التي يحلمون بها وبخططون لها ومن حظهم انهم يجدون في ترامب وامثاله من يقفون بقوة وراءهم في هذه المرحلة الفارقة من تاربخ الصراع العربي الإسرائيلي.
اقول ذلك حتي نكون علي حذر دائم من كل ما سوف يأتينا منهم ، وكفانا ما نحن فيه من كرب وابتلاء وضياع.