مقالات

غزة في مفترق الطرق : فرص السلام وتحديات الإستقرار

✍️ يوحنا عزمي 

بينما المجتمع الدولي يبدي ترحيبه في كل مكان باتفاق وقف إطلاق النار في غزة ، الذي كان للجهود الدبلوماسية المصرية والقطرية الدور الأهم والأكبر في التوصل إليه بعد خمسة عشر شهراً من حرب إبادة جماعية إسرائيلية شرسة علي الفلسطينيين هي الافظع والابشع في تاريخ الحروب الدولية في العالم .

وبينما يبتهج الفلسطينيون في مدينتهم الحزينة المدمرة بوقف إطلاق النار لالتقاط انفاسهم، يواصل الإسرائيليون غاراتهم الوحشية علي غزة ليقتلوا من سكانها من يمكنهم قتله ، وكأنهم بذلك يريدوا ان يقولوا للعالم انهم قبلوا بوقف إطلاق النار مرغمين ، وانه لولا محتجزيهم لدي حماس ، لواصلوا قتل الفلسطينيين حتي آخر طفل وامرأة ورجل في غزة وليبيدوها من علي وجه الأرض.

وقد تحول مؤشر الإهتمام الآن إلي العمل علي الاسراع بفتح معابر غزة لإدخال المساعدات الإنسانية الضرورية إليها بعد ان قطعها الإسرائيليون عنها طيلة الشهور الماضية ليكملوا تدميرهم لكافة معالم الحياة الإنسانية الطبيعية في هذه المدينة الفلسطينية المنكوبة.

وعلي كل حال ، فإن وقف إطلاق النار خطوة إيجابية بحد ذاتها ، ويبقي التزام إسرائيل بتنفيذ ما تعهدت في هذا الاتفاق بالالتزام به من التزامات مرحلية وفي مقدمتها انسحاب قواتها من القطاع ، ورفع حصارها الصارم علي شماله ، والانسحاب من منطقة المعابر التي تصل القطاع بمحيطه الخارجي ، وما إلي غير ذلك من تعهدات والتزامات دارت من اجلها كل هذه الجهود التفاوضية الشاقة والمضنية في جولات كثيرة لم تتوقف او تنقطع.

وتبقي هناك مشكلتان في غاية الأهمية ، تتعلق اولاهما بترتيبات إدارة قطاع غزة بدءاً من اليوم التالي لانتهاء الحرب ، وهل ستكون هذه الإدارة فلسطينية صرفة ، ام إدارة فلسطينية دولية مختلطة، وهل ستكون سلطة انتقالية مرحلية مؤقتة ، ام سلطة دائمة إلي ان يتحدد نهائيا مصير حل الدولتين ومشروع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي يجري الرهان عليها في كل العواصم العربية ويرون فيها الحل الدائم للقضية الفلسطينية ؟

واما المشكلة الكبيرة الثانية ، فهي مشكلة إعادة إعمار غزة ، وإعادة بناء بنيتها التحتية المدمرة من مرافق حيوية ومستشفيات ومدارس وطرق لتعود الحياة تدب في شرايين غزة من جديد، وهي مشكلة سوف يحتاج حلها إلي تضافر كافة الجهود الدولية والعربية فيها ، فالمهام هائلة والطريق إلي تحقيقها سوف يكون شاقا وطويلا ومكلفا للغاية ..

وهذه هي مصيبة الحروب في كل زمان ومكان ، فما تدمره الحرب في عام واحد ، قد يحتاج اصلاحه والتغلب علي آثاره اعواما واعوام .. وهذا هو التحدي الأهم والاصعب من بين كل التحديات التي يواجهها الفلسطينيون الآن وليكن وقف إطلاق النار هو الخطوة الأولي في رحلة الألف ميل كما يقول الصينيون.

رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ، او بالأحري سفاح غزة ، سوف يظل يماطل ويراوغ حتي اللحظة الأخيرة في التصديق علي إتفاق وقف إطلاق النار في غزة ، متذرعا بحجج واهية ينسب المسئولية عنها إلي حماس ، وليبرر بتهربه استمراره في عدوانه علي غزة لتكبيدها اقصي ما يقدر عليه من خسائر بشرية وليزيد به من تدفق شلال الدم فيها حتي وهو يوشك علي وقف إطلاق النار ، ربما إلي حين.

نتنياهو بمناوراته ومراواغاته الحالية يحاول ان يتظاهر بالمغالاة في تشدده في شروط وقف حربه علي غزة أمام سموتريتش وبن غفير ، وهما الثنائي الإرهابي المتطرف الذي لا يكف عن تهديده طول الوقت بالانسحاب من ائتلافه الحاكم إذا لم يواصل حربه علي غزة ، قاصدا من ذلك دفعهم إلي التخفيف من حدة معارضتهم للاتفاق والتقليل من ضغطهم عليه إلي ان يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدي حماس ، وباعتبار ان تحرير هؤلاء الرهائن من أسر حماس لهم هو المطلب الإسرائيلي والأمريكي والدولي العاجل الآن.

وربما يكون لضغوط ترامب وتهديداته بإشعال جحيم في الشرق الأوسط إذا لم يتم الإفراج عن هؤلاء الرهائن في الحال ، تأثير كبير علي ما يجري في تل أبيب من مداولات ومشاورات واتصالات مع الإدارة الأمريكية المقبلة ، وما تقدمه لإسرائيل من وعود او تعقده معها من صفقات سياسية وأمنية فور تسلمها مقاليد الأمور في واشنطن ، الخ.

وتبقي العبرة في هذا السيناريو المراوغ الذي نعيشه حاليا مع نتنياهو وحكومته ، ليس بتوقيعه علي إتفاق لوقف إطلاق النار وليبدو أمام العالم وكأنه يغسل يديه من دم غزة بقبوله لهذا الإتفاق ، وانما بالنوايا الشريرة التي تضمرها هذه الحكومة العنصرية اليمينية المتطرفة للشعب الفلسطيني كله ، والتي قد تدفعها إلي التنكر لهذا الاتفاق في مرحلة ما بعد الإفراج عن الرهائن والاسري الإسرائيليين والرجوع مرة اخري إلي عدوانها علي الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ، ولن تعدم وقتها الذرائع والأسباب في تبريرها لعدوانها.

وهنا اتفق مع الرئيس اللبناني جوزيف عون في ما صرح به بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار ، من ان الخوف هو في تهرب إسرائيل من تنفيذها لالتزاماتها كما سبق وان تنكرت لكافة القرارات الدولية التي قبلتها ووقعت عليها ثم تجاهلتها وتنصلت منها متعللة بشتي الذرائع والمبررات مما جعلها مجرد حبر علي ورق لا قيمة لها.

فاذا كان هذا هو استعدادها ، وهذه هي طريقتها ، فلماذا سوف تغيرها هذه المرة ؟

ثم ماذا بمقدور الأطراف العربية والدولية الضامنة لهذا الاتفاق المتعدد المراحل ان تتصرف به لارغامها علي الالتزام بما وقعت عليه إذا ما عمدت إلي عرقلة تنفيذه في مراحله المتقدمة بتحايلاتها المعروفة عنها لاخراجه من المسار الذي كان يجب ان يمضي فيه إلي نهايته ؟

وهل سيكون ذلك بآليات تنفيذية دولية محددة ، قانونية كانت او سياسية ، ام بترك الأمر للظروف وليكون وقتها لكل حادث حديث ؟

هذا تحليل سياسي عميق للوضع في غزة بعد الإتفاق لوقف إطلاق النار. يبرز التحليل عدة نقاط مهمة :

النقاط الإيجابية :

1. دور مصر والقطر في التفاوض على وقف إطلاق النار.
2. أهمية فتح معابر غزة لإدخال المساعدات الإنسانية.
3. ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.

التحديات :

1. إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
2. إعادة إعمار غزة وتجديد بنيتها التحتية.
3. تحقيق حل دائم للقضية الفلسطينية.
4. تحرير الرهائن الإسرائيليين.
5. التزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق.

المخاوف :

1. تماطل إسرائيل في تنفيذ الاتفاق.
2. استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.
3. تأثير الضغوط الدولية على إسرائيل.
4. خطر عودة العدوان الإسرائيلي بعد الإفراج عن الرهائن.

الحلول المقترحة :

1. ضغط دولي لضمان التزام إسرائيل بالاتفاق.
2. دعم عربي ودولي لإعادة إعمار غزة.
3. حل دائم للقضية الفلسطينية.
4. تعزيز دور مصر والقطر في التفاوض.

هذا التحليل يبرز الحاجة إلى :

1. التزام دولي لضمان تنفيذ الاتفاق.
2. دعم إنساني وفني لغزة.
3. حل سياسي دائم للقضية الفلسطينية.
4. تعزيز دور الدول العربية في التفاوض.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!