مقالات

ترامب يتحدى العدالة الدولية : هجوم غير مسبوق على المحكمة الجنائية بسبب مواقفها من جرائم إسرائيل

✍️ يوحنا عزمي 

في خطوة اعتبرها كثيرون تمثل استخفافاً صارخاً بالقانون الدولي شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوماً عدائياً على المحكمة الجنائية الدولية ، في محاولة للضغط عليها بعد موقفها الشجاع إزاء الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة. 

ووصفت الأوساط القانونية والحقوقية هذا التصعيد بأنه سابقة خطيرة لم يقدم عليها أي رئيس في العالم ، حيث تستهدف رأس العدالة الجنائية الدولية ، عقاباً لها على دفاعها عن حقوق الإنسان في واحدة من أكثر بؤر الصراع دموية في العالم.

وقد أثار موقف المحكمة الذي يفتح الباب أمام محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، غضب الإدارة الأميركية السابقة ، التي اختارت الاصطفاف الكامل إلى جانب تل أبيب ، حتى وإن جاء ذلك على حساب القانون الدولي والمواثيق الإنسانية.

اللافت في موقف ترامب ، وفقاً للمراقبين، ليس فقط تبريره للجرائم الإسرائيلية، بل تحريضه الضمني على مواصلتها ، عبر صمت مُطبق عن المجازر اليومية في غزة، بل وتشجيعاً ضمنياً على الاستمرار في سياسة الأرض المحروقة ، لتنهار غزة وتُرغم على الاستسلام أمام مشاريع الاحتلال.

إن الوجه الحقيقي لترامب ، الذي حاول لسنوات الترويج لنفسه كـ”صانع سلام”، ينكشف اليوم بوضوح: زعيم متواطئ مع التطرف الإسرائيلي، وداعم صريح لسياسات الاستيطان والتهجير والتطهير العرقي، وهي سياسات لم تسلم منها غزة ، التي تحولت إلى مقبرة جماعية وأرض لا تصلح للحياة.

ولعل الأخطر من موقف ترامب الفردي ، هو تحالفه الوثيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، في ما بات يوصف بـ”الثنائي المتطرف” الذي يشكل تهديداً مباشراً للسلم العالمي والنظام القانوني الدولي. هذا التحالف ، الخارج على القانون ، يمثل نموذجاً صارخاً للانتهازية السياسية وتحدي القيم الأخلاقية والإنسانية.

ومن هنا ، تبرز مسؤولية الدول العربية والمجتمع الدولي في إتخاذ موقف حازم. لم يعد الصمت خياراً، ولا الحياد مقبولاً، في ظل الهجوم السافر على مؤسسة دولية مثل المحكمة الجنائية، وعلى قضاتها الذين أثبتوا شجاعة نادرة في مواجهة الضغوط السياسية والتهديدات المتواصلة من إدارة بايدن ومن إسرائيل.

يجب ألا يُترك هؤلاء القضاة وحدهم في ساحة المواجهة ، وألا يسمح لأطراف دولية نافذة بأن تُسكت أصوات العدالة ، أو تُرهب من ينطق بالحقيقة. فالمساس بالمحكمة الجنائية لا يعني فقط انهيار مؤسسة قضائية، بل ضياع أحد آخر معاقل العدالة في العالم.

وإن لم يكن في الإمكان ملاحقة الجناة في المحاكم الدولية ، فلتكن هناك محاكمات شعبية ورمزية تعبر عن وجدان الشارع العربي ورفضه المطلق لما يحدث. فالتعبير عن الغضب والاستياء لم يعد ترفاً سياسياً ، بل أضعف الإيمان في زمن تتعرض فيه العدالة لاغتيال ممنهج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!