مقالات

السر العسكري وراء صفقة رأس الحكمة وبناء أضخم خط دفاعي في العالم

✍️ يوحنا عزمي

 

قد يعتقد البعض إن معركة البناء والتعمير في مصر قاصرة فقط على بناء مدن ومرافق وخدمات فقط وهو حقيقي ، ولكن معركة البناء والتعمير بتشمل أيضا الإستفادة القصوي من الجغرافيا المصرية وتحويل أضعف نقاطها الدفاعية إلى قلاع تنموية واستراتيجية محصنة.

وإن المشاريع التنموية على أطراف الجغرافيا المصرية بتواجه هجوم عشان إضعاف مصر إقتصاديا فقط ولكن أيضا لأهداف عسكرية خبيثة!

يعني إيه الكلام ده .. عشان تفهم بص معايا على الخريطة شايف المنطقة الواصلة من إقليم قناة السويس لحد القاهرة ؟

اهي دي كانت أخطر منطقة في جسد الوطن المصري كله ..
من المنطقة دي جت غالبية حملات الإحتلال والتهديد العسكري اللي اتعرضت ليها مصر في تاريخها .. من الهكسوس للآشوريين والفرس والرومان والانجليز واخيراً التجربة التعيسة لإسرائيل
في سيناء.

تعرف ان تعمير المنطقة دي بالشكل غير المسبوق اللي بيحصل دلوقتي من تعمير سيناء ومحور قناة السويس والعاصمة الإدارية سد الثغرة الإستراتيجية الخطيرة في المنطقة دي.

الكاتب الكبير جمال حمدان بيقول في الصفحة ٥٦ من كتاب سيناء في السياسية والإستراتيجية “من الضروري أن تمتزج مشاريع التعمير بمشاريع الدفاع فتكون كل وحدة بشرية وحدة إنتاج ودفاع معا” وده أحد أهم الأسباب إن العاصمة الإدارية والعلمين بيتم اغراقهم بسيل من الحروب النفسية والمعلوماتية قبل المكاسب الإقتصادية عشان يقولولك يا مصري انها عديمة الفائدة فتقوم تعطلها!

اهو العاصمة الإدارية بخلاف قيمتها الإقتصادية اللي ملهاش حصر عملت خط دفاعي استراتيجي عن وادي النيل .. وتخيل معايا كل منطقة إقليم قناة السويس تكون عبارة عن غابة من المعمور .. مدن وقري وطرق وملايين المصريين والسياح وتلاقي مصالح دولية وإقليمية .. كده وادي النيل محصن من جهة الشرق لكن انهاردة هنتكلم ونطرح سؤال تاني ..

إحنا سدينا الثغر في الإتجاه الشرقي وبنحولها لقبلة سياحية واستثمارات عالمية واقليمية .. طيب يا تري عملنا ايه عشان نسد الثغر في الإتجاه الإستراتيجي الغربي؟

السؤال ده مهم جداً .. ليه مهم ؟

لأن إجابته هتوريك ان كان في مخطط لضرب مصر من الإتجاه ده وإن القيادة المصرية كانت شغالة في صمت وإصرار كبير على بناء خط دفاعي في الغرب .. بنفس قوة وتحصين الخط الدفاعي في الشرق.

شوف معايا الخريطة دي ..

المنطقة دي من أول الإسكندرية لغاية الحدود الغربية كانت قبل 2015 عبارة عن جبال من الرمال .. وتجمعات سكنية مهشمة وطاردة للسكان مفيش عمران حقيقي إلا في إسكندرية ..

لك أن تتخيل إن المنطقة دي كل سكانها لا يتجاوزوا النص مليون ده خلاها لسنوات صحاري شاسعة وحقول ألغام وفراغ عمراني معيب .. جعل ان مفيش حائط صد طبيعي للبلاد في الإتجاه الغربي
واربطها باللي كان بيحصل في ليبيا من أول ٢٠١١.

ليبيا أشعلوا فيها حرب أهلية لتحويلها لبؤرة إرهابية .. وشوفنا محاولات توطين العناصر دي فيها وتحول مدينة درنة لما يشبه غرفة عمليات متقدمة للتنظيمات دي اللي استهدفت وادي النيل بعمليات عدائية ممنهجة من الغرب .. ولو نفتكر الخط الأحمر المصري في سرت الجفرة اللي وقف تقدم الإرهابيين دول نحو
مصر بعد أن اقتربوا بشدة من حدودنا وكان كل يوم يتمسك أو يضرب أرتال من السيارات المحملة بأطنان من المتفجرات اللي
كانوا عاوزين يدخلوها البلد.

عشان كدا المنطقة الغربية دي وأيضا سيناء كان مفروض علينا لسنين وسنين منعمرهاش وتفتضل منطقة رخوة وثغرة ونقطة ضعف في جسم الوطن لاستغلالها في اللحظة المناسبة للانقضاض علينا إلى أن جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي وهنا قرر ملء الفراغ الإستراتيجي ده من خلال مرحلتين اعتمادا علي قاعدة عسكرية عتيدة إن كل تحرك تنموي في القطر المصري تلزمه قوة عسكرية تحميه.. وكل قوة عسكرية تلزمها ظهير مدني وتعمير يسد الفراغ الإستراتيجي دا.

فجاءت المرحلة الأولى اختيار تدشين أكبر قاعدتين عسكريتين بحرية وبرية في الشرق الأوسط مش في مصر بس في المنطقة دي ، وهي قاعدة محمد نجيب البرية الجوية في يوليو 2017. وقاعدة 3 يوليو البحرية الجوية في 2021.

القواعد دي بتعتبر حصن الدفاع عن الإتجاه الغربي المصري والحدود مع ليبيا .. لأن من خلالها تقدر جيوش كاملة تنطلق بكامل عتادها مع دعم واسناد كبير من سلاح الجو لكن لوحدها مكنتش كفاية كان يلزمها تعمير نقاط حاكمة في الاتجاه الغربي
وهنا بدأت المرحلة التانية بحجم ضخم من المشروعات المدروسة بهندسة أمنية بعناية فائقة عشان تحسن حياة المصريين من ناحية وتجعل المنطقة دي جاذبة للسكان مش العكس وفق خطة لتوطين ١٠ مليون مصري في ٢٠٣٠ وتحمي البلد من ناحية تانية في نفس الوقت.

تعال نشوف مع بعض لمحات من الدولة عملته آخر ٨ سنين عشان تحقق الرؤية دي :

كانت رؤية القيادة المصرية الفذة والعبقرية في بناء مدينة كبيرة من الجيل الرابع تتوسط المسافة بين اسكندرية ومرسي مطروح هي العلمين الجديدة عشان تكون بمثابة نقطة حاكمة في خط الدفاع عن وادي النيل من جهة الغرب .. ومش بس كده .. لأ ..
دي هتكون أول مدينة ساحلية مليونية .. لأنه مخطط ان يصل عدد سكان مدينة العلمين الجديدة لـ ٥ مليون نسمة بحلول 2030 بدل من نص مليون فقط في محافظة مطروح كلها دلوقتي.

مدينة العلمين بتعتبر رمز للسيادة المصرية وفيها منشآت حكومية واقتصادية وسكنية وسياحية طول السنة ، يعني توسع افقي مش رأسي لفك الاختناق عن وادي النيل .. بخلاف العوائد الإقتصادية اللي ملهاش حصر.

وانهاردة عندنا مدينة جديدة عملاقة هي مدينة رأس الحكمة اللي هتكون درة مدن البحر المتوسط والخروج من الوادي الضيق وكمان خط دفاع إضافي بشراكة هي الأكبر في تاريخ مصر.

عندنا أيضا مشروع ربط الإقليم ده كله بأقصى الشرق والوادي والدلتا من خلال شبكة طرق وسكك حديدية علي أحدث ما يكون عشان تسهل حركة نقل السكان والاستثمار والسياحة والتجارة والتعمير كله مع بعضه.

القطار الكهربي السريع اللي بيربط بين العين السخنة على البحر الأحمر ويمر إلى مدينة العلمين الجديدة وصولا إلى مدينة مرسى مطروح وهو قطار بضائع ونقل وده له دور ضخم جدا في حركة التجارة الدولية لأنه بيعتبر قناة سويس برية تالتة بالإضافة إنه هيساعد علي حركة نقل السكان للخروج من الوادي وتوطينهم في الساحل الشمالي والاتجاه الغربي كله بسبب سهولة النقل والمواصلات وسرعتها وأيضا له تأثير كبير علي حركة الاستثمار والاقتصاد والتعمير والتنمية وتسريع معدل العمران.

أيضا كان لمحافظة مطروح نصيب الأسد من المشروع القومي لتطوير شبكة الطرق سواء بعمل طرق جديدة أو تطوير وتوسيع وتحسين كفاءة الطرق القديمة زي الطريق الساحلي الدولي اللي بيربط أقصى الشرق في العريش مرورا بالدلتا والإسكندرية لأقصى الغرب في مطروح والسلوم بالإضافة لتطوير طريق واحة سيوة وجعله طريق مزدوج وعمل طريق آخر بيربط بين سيوة والواحات البحرية بطول ٣٦٠ كم وعمل محور منخفض القطار في الفيوم بالسلوم بصول ٣٠٠ كم.

تطوير محور الضبعة بطول ٢٦٠ كم ليصبح ۸ حارة مرورية لكل اتجاه.

تطوير وافتتاح مطار مطروح الدولي ومطار العلمين الدولي تنفيذ محطة سيوة لإنتاج الطاقة الشمسية.

عمل جامعة العلمين الدولية بعدد ٦ كليات و جاري تنفيذ جامعة لوزان في العلمين أيضا وتم عمل ١٠ كليات من جامعة الإسكندرية فرع مطروح.

عمل مشروع عملاق لاستزراع التونة الزرقاء بمنطقة جرجوب مشروع أول مفاعل نووي مصر لتوليد الكهرباء أيضا في الضبعة في محافظة مطروح.

تطوير ميناء الحمرا وعمل خط شحن بحري وزيادة طاقته لمليون برميل نفط يوميا.

تنفيذ ١٠٠ ألف صوبة زراعية في قاعدة محمد نجيب تعادل إنتاج مليون فدان.

افتتاح المرحلة الأولى من إنشاء أكبر ميناء تجارى غرب البلاد بمدينة النجيلة غرب مرسى مطروح.

افتتاح ٨ محطات لتحلية مياه البحر وهي : أولاد مرزوق ، الزويدة، الفاخرى ، الظافر ، أبو زريبة ، أوجرين ، أبو سطيل ، شماس، بإجمالي طاقات إنتاجية تقترب من مليون متر مكعب يوميا لخدمة مناطق غرب محافظة مطروح اللي كانت بتعاني من توفر مياه الشرب والزراعة.

زراعة حوالي ٧٠ ألف شجرة خلال العام الأول من المبادرة الرئاسية لزراعة «100 مليون شجرة» بمحافظة مطروح.

الانتهاء من تطوير ٥ قرى بالكامل ضمن مبادرة حياة كريمة وهي قرى : زاوية العوامة ، وسيدي شبيب بالضبعة، وهود بالحمام، وبهي الدين بسيوة ، وأبو مزهود بسيدي براني. وجارٍ تطوير باقي قرى المحافظة تباعا.

عمل وتطوير أكتر من ٦٥ مدرسة جديدة بخلاف عشرات المصانع والمزارع اللي مفيش وقت نذكرهم كلهم.

دي كلها مجرد نماذج على سبيل المثال وليس للحصر تقولك إن اللي بيحصل في غرب مصر مشروع تنمية شامل زي ما هو بيهدف لتحسين حياة أهلنا وتوفير فرص عمل ليهم وتحويل المنطقة دي من طاردة لجاذبة للسكان هي خطوط دفاع مش عبارة عن قواعد عسكرية فقط .. وانما تواجد عسكري مصحوب بملايين من السكان والسياح والمشاريع والاستثمارات ..

وتلاقي المصالح الدولية والإقليمية في هذه النقاط تحديداً واللي بتخلي أي محاولات للغزو المباشر وغير المباشر من هذه الجهة مستحيلة.

ومن هنا بيجي دور التخطيط القومي الواعي كمذيب للعزلة فبعد درس العدوان الإسرائيلي المتكرر ، أصبح ربط سيناء في جسم الوطن مع المنطقة الغربية بديهية وأولية نحو ريادة مصرية تحقق الأمن والتنمية في الإقليم في وقت واحد وهو ده نفس اللي عملوه ملوكنا المحاربين القدماء .. أحمس قاهر الهكسوس وتحتمس الثالث صاحب أكبر إمبراطورية مصرية في العصر القديم ورمسيس الثاني صاحب أكبر انتصارات عسكرية عرفها العالم.

كلهم اهتموا بالأجنحة الصحراوية لمصر شرقا وغربا .. وأقاموا مدن وحاميات عسكرية خلت وادي النيل أكثر مكان آمن ومتحضر علي وجه الأرض.

عرفتوا ليه كل هذا الكم من السعار والشائعات لأن كل أعداء مصر وأصحاب المشاريع التوسعية بينهاروا أكتر كل ما مصر بتحمي نفسها أكتر .. وبتكون أقوى فبتحول كل ما مشاريعهم التوسعية لأوهام غير قابلة للتحقيق.

حفظ الله مصر .. وأدام عزها وقوتها.

Related Articles

Back to top button
error: Content is protected !!