مقالات

إيران فوق صفيح ساخن

✍️ يوحنا عزمي 

أمر جيد للغاية ان يكون لدي إيران صواريخ فرط صوتية امكنها فعلا الوصول إلي إسرائيل في عشر دقائق وان تحلق فوق تل ابيب برغم استنفار إسرائيل لكافة انظمة دفاعها ضد هذه النوعية الخطيرة والمدمرة من الأسلحة.

لكنها لم تكن كافية بالطريقة التي أطلقت بها لكي تنقل إليهم الرسالة التحذيرية المهمة التي كان يجب ان تنقلها لهم ببث الرعب والهلع فيهم بالدرجة التي تدفعهم إلي التوقف او التراجع ، ولتبقي هذه الغارة بهذا العدد الضخم من الصواريخ ذات دلالة رمزية بالأساس. 

وأتصور ان هذا حدث عمدا لحرص الجانب الإيراني علي تجنب الدخول مع الإسرائيليين وحلفائهم الأمريكيين والأوروبيين في حرب شاملة فيما لو كان قد تم تزويد تلك الصواريخ برءوس حربية ذات قدرات تدميرية عالية ، وهو ما كان بإمكانهم ان يفعلوه لكنهم قدروا عواقبه الوخيمة عليهم ولهذا تجنبوه واكتفوا بإخراج غارتهم بالصورة التي جاءت عليها.

هذه الصواريخ الفرط صوتية البعيدة المدي ، أعطت الإسرائيليين المبرر لكي يثيروا الدنيا كلها ضد إيران ، ومعهم حليفهم الأمريكي الجاهز دائما للتحرك والتنسيق معهم ، وكان من بين كل دول العالم هو اكثر من أدان تلك الغارة الإيرانية وتوعد مع الإسرائيليين بالرد عليها ، وان تركوا المجال مفتوحا حول طبيعة ردهم المحتمل علي ما اقدمت عليه إيران رغم تحذيراتهم المسبقة لها حول ما يمكنها ان تتوقعه منهم إذا ما خاطرت واقدمت علي مهاجمة إسرائيل.

وما اتوقعه خلال الأيام القليلة المقبلة ، هو ان ردهم علي إيران سوف يكون بالغ الضراوة والعنف ، فهم أمام لحظة تاريخية لن تتكرر ، وقد لا يتسني لإيران ، وهو أمر وارد ومتوقع ، حشد قوتها للرد والانتقام بها مما سوف يحدث لها وذلك بالنظر إلي فظاعة ما سوف تخلفه تلك الضربات الإسرائيلية الأمريكية العسكرية المشتركة من دمار هائل ومروع للكثير من المرافق الإستراتيجية الأمنية والدفاعية المهمة والبني التحتية الحيوية والاخطر من هذا كله لمفاعلاتها النووية ومنشآتها النفطية ومحطات الطاقة ولنظم وشبكات الاتصالات فيها ، ولغيرها من الأهداف المدنية والاقتصادية الإستراتيجية التي قد يقدمون علي ضربها بمنتهي العنف لشل إيران وافقادها القدرة علي التصدي لهم والرد عليهم. 

وليخلعوا لها بذلك مخالبها وانيابها ولتنهار بعدها أذرعها الإقليمية التي تتحرك علي الساحة الآن الواحد تلو الآخر .. او هذا هو ما اتصوره عندما أحاول ان افكر بعقليتهم ، وان اضع نفسي مكانهم لأعرف ما يمكنني ان اتوقعه منهم.

ولهذا اعتقد ان إنتظار الإيرانيين لهذه الضربة الجاهزة لن يكون في صالحهم .. وهذا هو ما يراهن عليه الإسرائيليون والامريكيون فكلما غابت الضربة كان ذلك مؤشرا علي أنها سوف تكون أعنف واوسع مدي .. 

لا اعرف كيف يفكر الإيرانيون الآن ، ولا ما هي سيناريوهاتهم البديلة التي يجهزونها للرد بها علي هذا الدمار الوشيك .. الأيام القادمة خطيرة ، والمنطقة كلها تصحو وتنام فوق صفيح ساخن .. وما يخطط له الإسرائيليون والأمريكيون معهم قد يفتح علي هذه المنطقة كل براكين جهنم .. وليس في ما اقوله اي مبالغة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!