✍️ يوحنا عزمي
إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو من قام خلال معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية وهو يغازل أصوات الناخبين اليهود الأمريكيين بتحريض إسرائيل علنا علي التوسع بضم الضفة الغربية المحتلة إليها لتضمن لنفسها المجال الحيوي الطبيعي الذي يمكنها ان تتحرك فيه وتحمي به أمنها ، الخ.
هو نفسه الذي جاء ليزعم بعد دخوله إلي البيت الأبيض بأنه يحمل معه كرئيس أمريكي مشروع سلام عربي إسرائيلي تاريخي ، وهو المشروع الذي كان قد بداه خلال فترة رئاسته الأولي ثم توقف، وعاد الآن ليستأنف مسيرته من جديد ، وان بدايته سوف تنطلق من تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
ولم يذهب الرئيس ترامب ابعد من ذلك في افصاحه عن معالم مشروعه الذي يتصور كما العلن هو نفسه أنه سوف يغير به وجه الشرق الأوسط وينقله كما لم يسبقه إليه رئيس أمريكي آخر ، من الحرب والصراع إلي السلم والتنمية والاستقرار .. اي إلي مرحلة من السلام الشامل الذي سوف يصب لصالح الجميع بلا استثناء .. ولنفترض أنه يعني ما يقوله، فإن سؤالنا له هو :
إذا كنت لا تؤمن بحل الدولتين ، ولا بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة ، متعللا في رفضك بأن هناك حلولا اخري لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومن شأنها ان تحقق السلام الشامل المنسود ، فلماذا لم تحددها وتصارح بها لنقيس بها مدي واقعيتك في اختيارك لهذه الحلول البديلة ولمدي انصافها لحقوق الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الإحتلال الإسرائيلي لاراضيه طيلة ثمانية عقود كاملة ذاق خلالها كل اشكال القهر والقمع والمعاناة ؟.
ما يبدو واضحا تماما لنا هو ان الحل الذي تقصده وبدأتم تسويقه عربيا ودوليا هو توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم المحتلة مقابل مساعدات إقتصادية مجزية سوف تقدمونها إلي الدول التي سوف تقبل بتوطينهم فيها ، ولا استبعد ان تجعلوا دول الخليج العربية النفطية هي من تدفع تلك المساعدات لتوفروها علي انفسكم .. وهذا ما تتصورون أنه يقدم الحل العبقري او السحري الذي طال انتظاره لهذا الصراع التاريخي المتناهي التعقيد .. ولعل زيارتكم المقبلة إلي السعودية هي للتوافق معها حول رؤيتكم لهذا الحل ولمدي اسهامها في تنفيذه قبل ان تقوموا بطرحه رسمياً.
إذا كان هذا فعلا هو الحل الذي يملأ رأسكم ، والكلام للرئيس ترامب. ويستحوذ علي فكركم ويحظي بتأييد اليمين الإسرائيلي المتطرف له فهو حل صهيوني بامتياز ، وفيه النهاية المحققة للقضية الفلسطينية ولكل ما يمت إلي حقوق الشعب الفلسطيني ومستقبله بأدني صلة.
يبدو أن الرئيس دونالد ترامب يتبع سياسة متضاربة تجاه القضية الفلسطينية. من ناحية ، يزعم أنه يحمل مشروع سلام عربي إسرائيلي تاريخي ، والذي يهدف إلى تغيير وجه الشرق الأوسط من الحرب والصراع إلى السلم والتنمية والإستقرار. من ناحية أخرى ، يبدو أن هذا المشروع لا يعتمد على حل الدولتين أو حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
يُعتقد أن الحل البديل الذي يقصده ترامب هو توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم المحتلة مقابل مساعدات اقتصادية مجزية. هذا الحل يُعتبر صهيونيًا بامتياز ، ويستحوذ على فكر ترامب ويحظى بتأييد اليمين الإسرائيلي المتطرف.
من المهم ملاحظة أن هذا الحل لا يأخذ في الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني ومستقبله ، ويعتبر نهاية محققة للقضية الفلسطينية.
لذلك ، يبدو أن سياسة ترامب تجاه القضية الفلسطينية لا تحظى بشفافية أو إمكانية تحقيق السلام الشامل في المنطقة.