ابداعات

الميزان

آية عبده أحمد

في المبنى المُهيب الذي يُزيّنه نقش الميزان، ها هو يومٌ جديدٌ قد بدأ، ارتديتُ الزي الأسود كحال جميع القضاة وذهبتُ للمحكمة، تربّعتُ على الكرسي الخشبي كالملوك.

جاء الحزن يشتكي الأمان، يدّعي أنه أينما ذهب يجد الأمان، فيعلن الحرب عليه، وينتصر الأمان دائمًا، وكان الشهود على ذلك الأمل والخوف.

الأمل: ينتصر الأمان لأنه على حق.
محامي الدفاع (الكره): أعترض.
أنا: لماذا الاعتراض؟
الكره: أين يسكن الحزن؟
أين يذهب وكل الملاجئ يأتي الأمان ويخرجه منها قسرًا؟
محامي الأمان (الحب): سيدي القاضي، أيمكنني التحدث؟
أنا: تحدث.
الحب: على الحزن أن يسكن البحار، أو يرافق الجبال، أو أن يُنفَى إلى أرض بعيدة، إنه كالداء، يصيب كل شيء فيسلب منه الحياة، يتغذى على النشاط والحيوية، ويمتص طاقة الأحياء، ثم يجعل أيّ كيان يسكنه فارغًا من كل شيء عداه.
أنا: هل للدفاع شيء يقوله؟

صمت الجميع، فضربتُ بالمطرقة على الخشبة التي أمامي، وأعلنتُ عن وقت قصير؛ للتشاور وإصدار الحكم، الأمر ليس سهلًا، ففي عملنا هذا يتوجب علينا أن نوزن كفّتي الميزان بحكمة؛ لنحقق العدالة التي يصبو لها الجميع.

جاء موعد إصدار الحكم وقف الجميع، جلستُ فجلس كل الذين في القاعة، بصوتٍ جسور قلت: حكمت المحكمة حضوريًا على المتهم الأمان بالبراءة، ذلك بعد الأدلة التي قدّمها الحب، وساعده في جمعها كل من الأمل والسعادة، وعلى المشتكي الحزن…

استيقظتُ في لحظة الحكم على الحزن، بعد أن ارتوتْ كلتا وجنتاي بالدموع، حيث هزمني في الحلم والواقع أيضًا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!