✍️ يوحنا عزمي
في خطوة غير مسبوقة ، أعلن عن وصول طائرات حربية مصرية من طراز C-130 إلى جيبوتي ، وهي النقطة الاستراتيجية المطلة على باب المندب، التي تعد بوابة رئيسية للبحر الأحمر ومفترق طرق هام في القرن الإفريقي.
هذه التحركات العسكرية المصرية تحمل معها الكثير من الأسئلة حول أهدافها الحقيقية ، لاسيما في ظل تصاعد التوترات الإقليمية في المنطقة.
هل الهدف محاصرة إثيوبيا ؟
تعتبر إثيوبيا أحد الجيران الأقوياء لمصر، خاصة مع الأزمة المستمرة حول سد النهضة. التحركات العسكرية المصرية في جيبوتي قد تكون بمثابة خطوة استراتيجية لمراقبة أي تحركات إثيوبية في منطقة منابع النيل ، أو ربما تحضيرات لتوسيع النفوذ المصري في هذا المجال الحيوي.
لكن هذا التحرك قد يكون أكثر من مجرد رد فعل على السد الإثيوبي ، فقد يتعداه إلى محاولة لتعزيز السيطرة على ممرات بحرية هامة مثل باب المندب.
باب المندب : النقطة الساخنة الجديدة
لكن ماذا عن باب المندب؟ .. تلك المنطقة التي شهدت صراعات إقليمية مستمرة ، وهي مفتاح السيطرة على التجارة البحرية التي تمر عبر البحر الأحمر.
هناك تحليل يقول إن وصول القوات المصرية قد يرتبط برغبة في مواجهة تهديدات متزايدة من قوى إقليمية أخرى ، مثل تركيا التي كانت قد أرسلت قواتها إلى الصومال قبل يومين فقط من وصول القوات المصرية. فهل يشير هذا إلى سباق محموم على النفوذ في القرن الإفريقي؟
تركيا وأهدافها في إفريقيا
المصالح التركية في المنطقة تتسارع ، خاصة مع اتفاقية الدفاع التي تم توقيعها بين أنقرة والصومال.
البعض يرى أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار تعزيز الوجود العسكري التركي في إفريقيا، بينما يعتبر آخرون أن تركيا تسعى إلى السيطرة الاقتصادية من خلال دعم حكومات إقليمية ضعيفة لتحقيق نفوذ طويل الأمد. في هذا السياق.
قد يكون التحرك المصري رداً على التوسع التركي في المنطقة، محاولة لحماية مصالح مصر الاستراتيجية في البحر الأحمر والنيل.
خيانة أم تعاون؟
من جانب آخر، هناك حديث متزايد عن خيانة محتملة لمصر في بعض الأوساط الإقليمية. فهل هناك أطراف تحاول التحالف مع القوى الإقليمية المعادية لمصر؟ تصريحات بعض الصحف الروسية التي اتهمت بوتين بـ”بيع إيران للأمريكان” قد تكون محاولة لتوجيه اللوم على قوى إقليمية أخرى لتكريس التوترات في المنطقة.
فهل يترجم هذا إلى تواطؤ مع تركيا أو إثيوبيا ضد مصر؟
تحذيرات بريطانية وغموض موقف عمان
هناك أيضاً التحذيرات البريطانية التي بدأت تتزايد ، حيث ربط البعض هذه التحذيرات بتقلبات محتملة في العلاقات مع مصر.
هل هي إشارات تحريض أم محاولة لتحفيز مصر على تبني سياسات أكثر مرونة في التعامل مع قضايا المنطقة؟
أما الدبلوماسية العمانية ، فهي تلعب دور الوسيط الذكي في هذا الصراع المعقد. عمان ، التي حافظت على علاقة متوازنة مع جميع الأطراف ، قد تسعى إلى تسهيل التفاوض بين القوى الكبرى في المنطقة. لكن هل ستكون هذه الوساطة فعالة في مواجهة التصعيد العسكري الذي يشهده القرن الإفريقي؟
السؤال الأهم : لماذا تحركت القوات المصرية الآن؟
تبقى الإجابة على هذا السؤال مفتوحة. هل القوات المصرية في جيبوتي موجهة ضد إثيوبيا أم ضد التهديدات التي تشكلها القوى الإقليمية الأخرى مثل تركيا ؟ أم أن مصر تتجه نحو استراتيجية أكثر تعقيدًا تجمع بين تحصين منابع النيل وحماية التجارة البحرية في البحر الأحمر؟
قد يكون هذا التحرك بداية لمرحلة جديدة من الصراعات الإقليمية في القرن الإفريقي ، ولكن في النهاية ، ستظل الخيانة والولاءات المتغيرة جزءًا لا يتجزأ من اللعبة الجيوسياسية التي لا تنتهي في هذه المنطقة المتفجرة.