مقالات

الهند وباكستان بعد أربعة أيام من التصعيد .. إلى أين تتجه المنطقة؟

✍️ يوحنا عزمي

لماذا التصعيد الآن؟

على الرغم من أن الهند وباكستان خاضتا ثلاث حروب رئيسية منذ عام 1947، فإن التصعيد الأخير الذي استمر أربعة أيام جاء في سياق عالمي متوتر أصلاً :

تزايد التنافس الصيني – الأمريكي في آسيا

– اضطرابات الاقتصاد العالمي بعد سنوات من التضخم وعدم الاستقرار.

– صعود النزعات القومية داخل الدولتين ، حيث يعتمد السياسيون في كلا البلدين على خطاب التشدد لتعزيز مكانتهم المحلية.

إذن ، التصعيد الأخير لم يكن مجرد حادث حدودي
بل جاء كاختبار جديد لتوازن القوى في جنوب آسيا.

محركات الصراع : ما الذي يغذي النار؟

هناك ثلاثة دوافع رئيسية تقف وراء تجدد العنف

1. الصراع المزمن على كشمير

هذا الإقليم هو بؤرة كل نزاع بين الهند وباكستان. منذ استقلال البلدين، لم تُحسم قضية كشمير، وظلت القنبلة الموقوتة الجاهزة للانفجار عند كل استفزاز عسكري أو سياسي.

2. سباق التسلح والتكنولوجيا

في السنوات الأخيرة ، ضخت الدولتان مليارات الدولارات في تطوير أسلحة جديدة : طائرات مسيرة، أنظمة دفاع جوي، قدرات سيبرانية. هذا التسليح الضخم جعل الحروب أسرع وأكثر تدميراً بل نقلها إلى ساحات غير تقليدية مثل الفضاء الإلكتروني.

3. الضغط الداخلي

الحكومات في نيودلهي وإسلام آباد تواجه تحديات داخلية كبيرة : احتجاجات ، بطالة ، أزمات اقتصادية.  في مثل هذه الظروف ، يلجأ السياسيون أحيانًا إلى تصدير الأزمات للخارج ، عبر رفع مستوى التوتر مع العدو التقليدي ، لصرف الأنظار عن المشاكل الداخلية.

السيناريوهات المحتملة بعد وقف القتال

السيناريو الأول : العودة إلى الوضع القائم

– توقف القتال بعد وساطة دولية (الأمم المتحدة ، الصين ، أمريكا).

– عودة العلاقات إلى حالة “السلام الهش” ، مع استمرار المناوشات المحدودة.

– استئناف الاتصالات الدبلوماسية مع ترك الملفات الكبرى معلقة.

هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحاً على المدى القصير ، لكنه لا يعالج جذور المشكلة.

السيناريو الثاني : التصعيد البارد

– رغم توقف المعارك ، تدخل الدولتان في سباق تسلح متسارع.

– زيادة الهجمات السيبرانية وتكثيف استخدام المسيّرات.

– استمرار الحرب الإعلامية والدبلوماسية ، مما يُبقي التوتر عالياً.

هذا السيناريو يحمل مخاطر انفجار قادم في أي لحظة.

السيناريو الثالث : تسوية سياسية تاريخية

– تحت ضغوط دولية غير مسبوقة ، تُجبر الهند وباكستان
على الدخول في مفاوضات جادة بشأن كشمير.

– يتم التوصل إلى اتفاق شامل ينهي النزاعات الحدودية
ويضع إطارًا للتعاون الاقتصادي والأمني.

هذا السيناريو هو الأقل احتمالًا حاليًا ، لكنه الوحيد القادر
على كسر دائرة العنف طويلة الأمد.

الدور الدولي : اللاعبون في الخلفية

الصين : رغم تحالفها الوثيق مع باكستان ، لا ترغب في انفجار نووي على حدودها.

الولايات المتحدة : تريد منع زعزعة استقرار جنوب آسيا ، خاصة في ظل منافستها مع الصين.

روسيا : تراقب الوضع بحذر ، ساعية للحفاظ على توازن مصالحها مع الجانبين.

أي تحرك دولي لحل النزاع سيتطلب تنسيقًا معقداً بين هذه القوى الكبرى ، وهو أمر صعب لكنه ليس مستحيلًا.

كلمة أخيرة : الطريق إلى المستقبل

العبرة الكبرى من هذا التصعيد أن الحروب الحديثة لم تعد تقتصر على ساحات القتال. اليوم ، الاقتصاد ، الطاقة ، الفضاء الإلكتروني. كلها أصبحت جبهات مواجهة. إذا لم تتحل القيادات في الهند وباكستان بشجاعة سياسية استثنائية ، فإن المنطقة ستبقى أسيرة صراعٍ قد ينفجر في أي لحظة ، ويأخذ معه ملايين الأبرياء إلى الهاوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!