ابداعات

«كلمةٌ لا تُنسى»

 

ملك كرم الهواري.

 

في الصِغر تعلمنا أن الكلمة إمَّا ترفع من شأنِ المرء، أو تهوي به في مدارجِ السوء والذُل، وأنّ الكلمات الفاحشة تستجلب سخط اللّٰه، لذا تردد على أسماعنا قول رسول اللّٰه: من كان يؤمن باللّٰه واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت.

 

حالما كبرنا، وانغمسنا في مشقات الحياة، أدركنا أن بعض الكلمات القاسية تقود إلى جُرحٍ لا يندمل وإن مر عليه مائة عام، ويترك ندبةً لا تُمحى ولا تُنسى مهما تظاهرنا بالنسيان.

 

الكلمةُ إن لم تُطِبْ الروح؛ باتت سكينًا غائرًا في خضمِ قلبٍ رحيم.

تُقال الكلمةَ ولا يُلقى لها بالٌ، ويَسهَدُ المرءُ ليلًا طويلًا، لا تبرح قلبه قبل عقله.

 

ثمة كلمات كالصدعِ في القلوب، مصابُها جلل، ولا يعود القلب بعدها كما كان، وأخرى كبذرةٍ أُلقيت في صحراءٍ قاحلة؛ فأينعت ورودًا تشي بالأُنسِ والسكونة.

 

الكلمةُ قبوٌ يفوح منه عبير الطيب أو حريقٌ نشب في قلبٍ عطوف آثر الكبت على الإفصاح بأوجاعهِ، فالكلماتُ قبورُ أصحابها، إن حَسُنت؛ نالوا رغد العيش فيها، وإن سائت؛ لقوا العذاب الأليم.

 

وكم من كلماتٍ فاح منها الأمان، وأسكنت في القلوبِ ثقةً حملت بين ثناياها قوةً لا مثيل لها، وكم من كلماتٍ دُسَّ فيها سُمًا ولدغت القلوب كما الأفاعي.

 

وقد نبأنا بها رسولنا الكريم وهو الذي ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ﴾ وقال: «إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم» رواه البخاري، وأمرنا اللّٰه – عز وجل – بالحُسنى وطيب الألفاظ وقال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾.

 

فيا صاحبي،

تروَّى قبل أن تُخرج الكلمات من جُحرها، فالكلمةُ إمَّا ترقى بالمرءِ أو تهوي به، وفكِّر مليًا وقُل لنفسك: ما أثر كلماتي على من حولي؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!