آية عبده أحمد
في طرفة عين تبدد كل شيء، أفلت يدي بعد أن كنّا نتسامر قُرب هاوية جبل، هكذا غادرني كيان لا أعلم ماهيته، رغم أن روحي كانت تألفه، إلا أنني أمضيتُ أيامًا كثيرة دون أن ألمس الأرض، ثم اجتاحتني أفكار طفولية بأنني ربما صرتُ فراشة.
لم أكن أطير ولا حتى أسقط، كأنني سجينة في قفص مصنوع من الهواء، طالعتُ نفسي لم أرَ شيئًا، طالعتُ فوقي ولم تكن هناك سماء، ولا وجود لشيء سواي، بل حتى أنا لست موجودة، فقط مجرد فراغ، هل أصبحتُ عصفورة؟
أم أنني قطة لا تعرف الطيران، أو ربما دجاجةٌ عبثًا تحاول التحليق!
أيعقل أنني آخر البشر؟
مهلًا، فقد كان حلمي أن أسافر للفضاء، حتمًا إنني وصلتُ مجرة أخرى، وقد تاهت بوصلتي كعادتها، ولم أجد الخريطة، وحدي هناك أتخبط، وأحارب ذاتي التي أجهل من تكون أو ما هي؟
يبدو أنها تداعيات فوضى وشيكة، لقد غرقتُ في كثيرٍ منها من قبل؛ لذا أجدها تُقحم نفسها معي رغمًا عني، وتسيطر عليّ بالكامل، وتزعم أنها تحتويني، لكن كيف تُقنع الصبار أن مواساته تجرح؟
كيف نخبره بطريقة منمقة أن شوكه مؤلم حد الموت، وأن الحضن رغم دفئه إلا أنه مختلف؟
لكن ماذا لو كنتُ أنا مثله، أو من إحدى فصائله؟
حينها لن أتألم بالتأكيد، لا تتضرر الأشواك إذا التقت برفاقها..
عذرًا، لكنه شيءٌ حنونٌ وعميق، أعلم جيدًا تلك النسمة التي داعبت خدي، فقد أعادتني لذكرى قديمة، لا أنسى ذلك الشعور الغريب الذي يخالجني عندما أكون في حضرة النيل، أتراني تحوّلتُ وأصبحتُ نيلًا؟
نيلٌ يغرق في ذاته شيئًا فشيئًا، ثم يستيقظ وحيدًا ليجد أنه هنا، نعم ربما أنا…
لمحتُ بقربي طفلة صغيرة ربما تخيلتها، ثم ظهر انعكاس صورتي على شيء أمامي ربما مرآة، ما بال كل هذا الذي أراه؟
ما كل هذه الحشود؟
هل هي معركة أم أنه يوم الخلود؟
يبقى سؤالي: هل يستغرق السقوط من حافة الجبل كل هذا الوقت؟
وداعًا، حتى تعود الأيام سخية كما عهدتها، إذا كانت هذه نقطة نهاية الدنيا أو حكايتي فيها.
وداعًا، إلى الوجود الذي كنتُ أنتمي يومًا إليه.