عبد الله الحداوي
يرى المؤرخ الثقافي القلقشندي أن غالب أسماء العرب منقولة عما يدور في خزانة خيالهم مما يخالطونه ويجاورونه، ومن ثم كان طبيعيًا أن تنعكس الكثبان والصخور والحيوانات والنباتات على أسمائهم، وقد يبدو في الأمر محاكاة مباشرة لمكونات البيئة الطبيعية من حولهم، ولكن الحقيقة أن الأمر يتخطى ذلك إلى جوانب أخرى تجعل التسمية عند العرب بابًا واسعًا لكشف جانبٍ من نظرتهم للحياة والإنسان والأخلاق والقدر والأديان والصراع وأنماط العيش، ثم جاء الإسلام فدفع فلسفة التسمية في التفكير العربي إلى آفاق أرحب لتتلاءم مع مقتضيات التوحيد والشريعة والغيب، وخصال البر وقيم المجتمع العابر للقبيلة؛ كما نجد انعكاسات ذلك في الأسماء والكنى التي كانت مبعث اهتمام وتدخّل مباشر من النبي صلى الله عليه وسلم، هذا ما وجدته في بحثي عن الأسماء، ولكن طرق باب ذهني سؤال فلسفي نوعًا ما
هل الأسماء هي من تحلي الأشخاص أم الأشخاص هم من يمنحون الجمال للاسم؟
هل كل ليلى جميلة أم كل جميلة ليلى
وهل كل عليّ شجاع أم كل شجاع يجب أن يطلق عليه عليّ؟
وهكذا، حتى تذكرت إحداهن، وكيف أن اسمها كان عابرًا عندي بل ومكررًا، حتى عرفتها فأصبح للاسم جاذبية خاصة عند نطقه، فنظمت أبيات على عج، وأنشدت قائلًا:
هي حلت اسمها لا اسمُها من حلَها
فحُسنها قضيةٌ جهلتُ سِر حلِها
و عينها قد جَمعت من الصِفات كُلها
وغصن زيتونٌ بدى تراهُ فوق خدها
كما العفاف قد بدى مزينًا بزيها
تعلق سترها بها كأميمة وبنيها
وذي القوافي أبحرت وقد رست بشطها
وما كتبت بيت ولا قصيدة وإنما
علمت حروفي سِرها فرُتِبت لأجلها