منة اللّٰه سعد عتمان
في طريقٍ بارد كبرودة تلك الأيام على قلبه، يمشي شاب قد أنهى فترة خدمته العسكرية منذ مدة، وحاول بعدها العثور على عمل ولكن بلا جدوى، وهكذا كان روتين يومه الضَجِر، بين البحث عن العمل والعودة إلى غرفته، وتستلمه أفكاره في معترك؛ لتلتهم بقايا أمله مما جعله قد أُصيب باليأس، واستسلم لتلك الأوهام التي استحوذت على روحه قسرًا، وبعد حربٍ قاسية كان فيها الأسير، غلبه النُعاس أخيرًا وغَط في نومٍ عميق.
فتح عينيه فوجد نفسه أمام باب مكتوب عليه: “إن كنت تريد إجابات لتلك الاسئلة التي تجوب في رأسك فأدخل؛ لكن احذر بمجرد دخولك لن تخرج مطلقًا”.
فكر لبرهة وأوجس خِيفة، ثم غلبه فضوله وفتح ذاك الباب، وبمجرد دخوله قد أُصفد وكأن هناك من أغلقه بسلاسل صلدة، ومن بين ظلامٍ حالك وجد نفسه يقف أمام ظلٍ مخيف، ذاك هو شبح أفكاره التي طالما عصفت به، يعرفه جيدًا.
وإذا بذاك الظل يحوم في المكان يقترب منه كأنه سيقبض روحه.
الظل: مرحبًا بك أيها الساذج.
هو: ماذا تريد مني؟ ألن ترحم ضعفي وألم روحي؟!
الظل: لا تُلقي اللوم عليَّ، أنت من تؤلم نفسك.
هو: أنا بريء منك ومما تدّعي عليَّ، أنت من تُغرقني كل ليلة أسئلة بلا إجابات، أنت من تريد مني التفكير في كل شيء دون راحة، تقوم بتخزين كل ما هو مؤلم، لا تفكر سوى بالغدر، اليأس، والاستسلام، لم تمنحني السلام ولو مرة، كنتُ دائمًا أنا المجني عليه في محكمة أفكارك القاتلة.
الظل: أنت لم تدعني أساعدك، كنت تُلقي بنفسك في أماكن باردة، حالكة كسواد الفحم لا تشبهك، وبين أُناسٍ لم يترفقوا بلين قلبك، أنت تلك الغيمة التي ظللت على كل العالم، ولكنها أسقطت غيثها على صحراء لا حياة فيها، كالشمس في شتاءٍ قارص ولكن لم يهتموا لدفئك، كنت لهم كل شيء وفي النهاية فقدت نفسك إرضاءًا لهم.
أتريد إجابات لأسئلتك التي لا تنتهي؟!
الإجابة الوحيدة هى أنت، مفتاح أملك، رضاك صمودك، ونجاحك هو أنت، عد إلى رشدك يا فتى، عد إلى رشدك.
وفجأة استيقظ فَزِعًا وكان كل ما حدث مجرد حلم، ولكنه وجد الإجابة في تلك الغرفة المغلقة التي ستغير حياته، أفكاره، وتجدد دوافعه مرة أخرى.