مقالات

تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة : السيناريوهات المتوقعة والتحديات التي تواجه مصر

✍️ يوحنا عزمي 

في 18 مارس 2025 ، بدأت إسرائيل استئناف عملياتها العسكرية في قطاع غزة بعد فترة من التوتر السياسي. تأتي هذه العمليات العسكرية في وقت حساس ، حيث استغلت إسرائيل الخلافات حول خطة تمديد وقف إطلاق النار كذريعة لاستئناف الهجمات ضد حركة حماس في قطاع غزة. هذا التصعيد العسكري يفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول السيناريوهات المتوقعة في الفترة المقبلة ، والتحديات التي قد تواجه مصر في التعامل مع هذا التصعيد ، خاصة في ظل الأوضاع السياسية المعقدة
في المنطقة.

أولاً : السيناريوهات المتوقعة في الفترة المقبلة

هناك عدة سيناريوهات قد تتطور على خلفية تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة :

– السيناريو الأول : التصعيد العسكري المستمر : من المتوقع أن تقوم إسرائيل بتكثيف عملياتها العسكرية في غزة ، في محاولة لإضعاف حماس وتحقيق مكاسب استراتيجية على الأرض. قد تزداد الغارات الجوية والقصف المدفعي ما يهدد حياة المدنيين الفلسطينيين ويزيد من حجم الأضرار الاقتصادية والاجتماعية في غزة.

– السيناريو الثاني : تدخل دولي وتوسيع الضغط على إسرائيل : يمكن أن يؤدي التصعيد إلى تدخل دولي أكبر لتهدئة الأوضاع. قد تتزايد الضغوط من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ، وخاصة من الدول الأوروبية التي ترفض التصعيد العسكري، ما قد يحد من قدرة إسرائيل على الاستمرار في عملياتها العسكرية بشكل موسع. وقد يتم تنظيم تحركات في الأمم المتحدة لفرض وقف إطلاق نار جديد.

– السيناريو الثالث : دعم مصر للفلسطينيين ورفض التدخل العسكري المباشر.

مصر قد تقف في موقف سياسي قوي ، داعية إلى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. مع أن مصر تملك علاقات دبلوماسية قوية مع إسرائيل إلا أنها قد تتحرك دبلوماسيًا على مختلف الأصعدة لوقف التصعيد ، دون أن تتدخل عسكريًا مباشرة في غزة. قد تتعاون مصر مع دول عربية أخرى لضمان تقديم الدعم السياسي والإنساني للمتضررين.

ثانياً : التحديات التي تواجه مصر في مواجهة المخطط الصهيوني

مصر تواجه العديد من التحديات في التعامل مع المخطط الإسرائيلي في غزة ، والتي تشمل :

– التحدي العسكري : مصر لا ترغب في التورط العسكري المباشر في غزة نظراً للمخاطر الأمنية الكبيرة التي قد تترافق مع هذا التدخل. كما أن التورط العسكري في غزة قد يجرّ مصر إلى مواجهة مع إسرائيل التي تمتلك قوة عسكرية ضخمة.

– التحدي السياسي : الضغط الدولي والمحلي على مصر كبير.   من جهة هناك رغبة شعبية عربية في أن تتحرك مصر بشكل أكبر لمساعدة الفلسطينيين في قطاع غزة. ومن جهة أخرى ، يجب على الحكومة المصرية الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة ، التي تدعم إسرائيل.

– التحدي الأمني : استقرار الحدود المصرية مع قطاع غزة في خطر دائم بسبب التحركات الإسرائيلية. التدفق المحتمل للاجئين الفلسطينيين نتيجة الهجمات العسكرية قد يضع عبئًا إضافيًا على الأمن الداخلي المصري ، كما أن العمليات العسكرية الإسرائيلية قد تتسبب في تشديد الرقابة على الحدود، وهو ما يشكل عبئًا إضافيًا على السلطات المصرية.

ثالثاً: التدخل العسكري المصري في غزة : هل هو خيار ؟

في ظل الوضع الراهن ، يبدو أن تدخل مصر عسكريًا في قطاع غزة ليس خيارًا مرجحًا. على الرغم من دعم مصر القوي للقضية الفلسطينية ، إلا أن التدخل العسكري المصري قد يجر البلاد إلى صراع مباشر مع إسرائيل وهو ما لا ترغب فيه الحكومة المصرية في الوقت الراهن.

دوافع عدم التدخل العسكري المصري 

– الحفاظ على الأمن الداخلي : التدخل العسكري قد يؤدي إلى زيادة الضغوط الأمنية والاقتصادية في الداخل المصري.

– العلاقات مع القوى الغربية : أي تدخل عسكري قد يعكر صفو العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة ، حليف إسرائيل الأبرز في المنطقة.

– العلاقات الإقليمية : تدخل مصر عسكريًا قد يؤدي إلى توترات مع دول أخرى في المنطقة ، بالإضافة إلى تعقيد مواقفها الدبلوماسية مع الدول العربية.

رابعاً : التهجير الإسرائيلي : ما هو رد مصر المتوقع ؟

من الواضح أن إسرائيل تتبع استراتيجية شاملة للتخلص من السكان الفلسطينيين في غزة من خلال عمليات تهجير قسري وإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم. هذا المخطط، إذا تم تنفيذه على نطاق واسع، سيشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

رد مصر المتوقع

– المسار الدبلوماسي : ستسعى مصر ، كالعادة ، إلى التدخل دبلوماسياً على الساحة الدولية ، باستخدام علاقاتها مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا للضغط على إسرائيل لوقف التهجير.

– التعاون مع حركات المقاومة الفلسطينية : مصر قد تعزز من دعمها لحركات المقاومة الفلسطينية في غزة بشكل غير مباشر عبر تقديم الدعم اللوجستي والسياسي.

– المساعدات الإنسانية : من المحتمل أن تقوم مصر بزيادة دعمها الإنساني لقطاع غزة ، بتوفير المساعدات الطبية والغذائية للمتضررين من التصعيد الإسرائيلي.

خامساً : أوراق الضغط التي تملكها مصر ضد إسرائيل وأمريكا

مصر تملك عددًا من أوراق الضغط التي يمكن أن تستخدمها لمواجهة الضغوط الإسرائيلية والأمريكية.

– الورقة الأمنية : مصر يمكن أن تهدد بالحد من التعاون الأمني مع إسرائيل حول مكافحة الإرهاب ، خاصة في سيناء.

– الورقة الاقتصادية : تملك مصر القدرة على استخدام الضغوط الاقتصادية ضد إسرائيل ، مثل تقليص التعاون الاقتصادي في مجالات مثل المياه والطاقة.

– الورقة الدبلوماسية : في حال تصاعد الأحداث ، يمكن لمصر أن تتحرك في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والعالم العربي ، لجلب المزيد من الضغط الدولي على إسرائيل.

المرحلة المقبلة ستكون حساسة للغاية ، خاصة إذا استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. مصر ، التي تمثل قلب العالم العربي تلعب دورًا رئيسيًا في ضمان إستقرار المنطقة. التصعيد الإسرائيلي يضع الحكومة المصرية في موقف دقيق ، ما بين ضرورة حماية مصالحها الإستراتيجية وعلاقاتها الدولية وبين إظهار دعمها الثابت للقضية الفلسطينية.

السيناريو الأكثر احتمالًا هو أن تواصل مصر استخدام الدبلوماسية كأداة رئيسية لوقف التصعيد ، مع تكثيف الضغوط السياسية والإنسانية ضد إسرائيل في حال استمر العدوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!