مقالات

كيف فتحت مصر أبوابها للتنين الصيني وأربكت إسرائيل؟

✍️ يوحنا عزمي 

في غضون ساعات ، شهد الشرق الأوسط تحولاً جيوسياسيًا صامتاً لكنه مدوٍ ، حين فتحت مصر سماءها، وأعماق بحرها، لاستقبال أحد أضخم المنافسين العالميين للولايات المتحدة :

 الصين. ثلاثة تطورات عسكرية متزامنة ، حدثت خلال أقل من 24 ساعة، أطلقت صفارات الإنذار في تل أبيب ، وحركت أقلام التحليل في واشنطن، وأعادت تعريف معادلة الردع في المنطقة.

أولاً : مقاتلات J-10C الصينية فوق سيناء – تغير جوي في معادلات التوازن.

ظهور طائرات J-10C الصينية ، المتطورة ، ضمن مناورات “نسور الحضارة 2025” في أجواء شمال سيناء لم يكن مجرد استعراض. نحن أمام أول انتشار حقيقي للطيران الحربي الصيني في أجواء شرق أوسطية ، وعلى مرمى حجر من العمق الإسرائيلي.

هذه المناورة ترسل رسالة رمزية وعملية : مصر لم تعد حكراً على السلاح الأمريكي أو الروسي ، بل منفتحة على بديل صيني قادر على قلب موازين القوة الجوية.

الوجود الجوي الصيني في سيناء يحمل طابعًا مزدوجاً : اختبار للجاهزية القتالية المشتركة ، وتأكيد على إمكانيات التنسيق العملياتي في أكثر بقاع المنطقة توتراً.

سيناء ، باعتبارها منطقة أمن قومي حيوي ، لم تكن يومًا ساحة لأي طيران أجنبي – ما يجعل هذا الحدث سابقة لها تبعات إقليمية عميقة.

ثانياً : طائرة الإنذار المبكر KJ-500 في بني سويف – العين الصينية ترى كل شيء.

حين تهبط طائرة KJ-500 في مطار بني سويف ، فهي لا تقوم بمهمة روتينية. هذه الطائرة لا تحمل صواريخ ، بل تحمل شيئاً أخطر : السيطرة على الوعي المعلوماتي.

الطائرة KJ-500 قادرة على مسح أجواء إسرائيل ، قبرص ، لبنان وحتي شرق المتوسط ، من دون أن تقترب من الحدود.

وجودها وسط البلاد ، بعيداً عن الجبهات ، يمنحها حماية استراتيجية ، ويمنع التصعيد ، بينما تجمع البيانات وتوجه عمليات افتراضية.

الردع هنا ليس بقصف ، بل بكشف : “نحن نعرف أين أنتم ، وماذا تفعلون ، ومتى تتحركون.”

تقارير عبرية نقلت ذعراً استخباراتياً ، وتحليلات تفيد بأن “الصين ومصر ترسلان رسالة إلى كل من يحاول مراقبتهما : نحن نراقبكم أولاً “

ثالثاً : غواصات “يوان” الشبحية – الردع الصامت يخرج من الأعماق.

الغواصات من طراز “تايب 039A – يوان” ليست مجرد سلاح بحري ، بل أداة إستراتيجية للردع والتخفي والهجوم الوقائي ، لا يمتلك خصوم مصر في المتوسط القدرة على رصدها بسهولة.

غواصات AIP قادرة على البقاء تحت سطح البحر لأسبوعين دون التزود بالهواء – ميزة تجعلها “أشباحاً” بحرية.

قدرتها على حمل صواريخ كروز وألغام بحرية يضعها في مصاف أسلحة التأثير الإستراتيجي التي يمكن أن تغير مسارات الحروب دون إطلاق طلقة واحدة فوق السطح.

هذه الغواصات قادرة على حماية خطوط الغاز المصرية ، وتهديد أي تحرك بحري معادٍ في شرق المتوسط.

التحول الكبير : من مستهلك إلى صانع محاور

ما يجري ليس مجرد تحديث في العتاد ، بل انقلاب في التفكير الاستراتيجي المصري. فبدلًا من الارتهان لمصدر واحد للسلاح ، تبني مصر الآن تحالفًا متوازناً يضمن تنوع القوة ، وحرية القرار ، وردعاً متعدد الجبهات.

” الصين + مصر = معادلة دولية جديدة”

الصين توسع نطاق حضورها بعيداً عن آسيا ، وتختبر قدراتها في بيئة عمليات مختلفة.

مصر تؤسس لنموذج جديد من الشراكات ، لا يعتمد على القواعد العسكرية ، بل على التمركز الذكي والتقاطع التكنولوجي.

الرسائل الصامتة وصلت … فهل يستمع الغرب؟

حين تطير طائرة إنذار مبكر صينية من صعيد مصر ، فتل أبيب فلم تعد في مأمن.

حين تدخل غواصة شبحية مياه المتوسط ، فإن كل منصة غاز أو قطع بحرية أجنبية ، باتت في مرمى الرصد.

حين تنقل الصين معداتها عبر الخليج وبيروت والقاهرة فإن خطوط الإمداد الغربية لم تعد الوحيدة الفاعلة.

مصر تغير قواعد اللعبة : بهدوء ، وذكاء ، وواقعية.

التحول المصري ليس عشوائياً ولا دعائياً ، بل قائم على :

– توازن بين الشرق والغرب.

– توظيف التحولات الدولية لمصلحة الأمن القومي.

– هندسة تحالفات مرنة تضمن الاستقلالية وفعالية الردع.

مصر لا تهاجم أحداً ، لكنها تقول بوضوح : 

نحن نرى ، نرصد ، ونقرر متى نتحرك.

وفي عالم لا يحترم إلا الأقوياء … مصر الآن تُحترم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!