ابداعات

“بيات شتوي”

المهند إسلام 

 

ويأتي كانون الأول،

ويأتي ذلك الحين،

التي تجتمعُ فيها النفسَ بالنفس،

التي تبدأُ فيها إدراكَ الشخص الذي أصبحته،

وتتعرف عليه من جديد.

 

يجلسُ أمام نافذته،

يرتدي سترةُ شتوية داخل ملابسه الصيفية،

وبين يديه كوبُ دافئ،

من الكاكاو الساخن.

في هذا الوقت من العام،

يبدأُ البيات الشتوي الآدمي،

ويبدأُ هو بالاختفاء من حياةِ الجميع،

ليجلس هذه الجلسة ويختار،

يجلس هذه الجلسة ويحدد،

من سيبقى، ومن سيتركه.

يتذكر،

من قَدِمَ، ومن رحل.

يراجع،

من آذى، ومن تأذى.

يقرر،

هل سيعتذر، غيرَ أنه لا يفعل، ولن يفعل، فمن تركه فقد ترك، ومن رحلَ فقد رحل.

 

وحينَ ينتهي من الكوبِ الساخن،

يمسكُ رسالةُ قديمة،

تاريخها العام الماضي،

وكاتبها هو نفسه،

القديمة.

تخبره فيها عمّا تحبه،

عن الكتاب المفضل،

والفنان المفضل.

عن صديقه المفضل،

ويومياته معه.

عن مشروبه المفضل،

والذي لا يتغير أبدًا.

 

غيرَ الأشخاص،

والشخصيات.

تتغير، وترحل.

 

ترحل الأشخاص،

الأصدقاء والفتيات،

الروائح والفنانات.

 

وتتغير الشخصيات وتتشكل،

مثل شخصيته.

تنضجُ وتعقل،

وتعاود تكرار الخطأ لتعقل أكثر.

 

ثم يترك الرسالةَ ويسبُّ نفسه، على سذاجته وغفلته. ويبدأ بكتابة رسالة مستقبلية.

 

وحين يجفُ القلمَ ينهض، ويذهبُ إلى مكتبهِ ليدرس، فكفى من هذا العامِ سقوطٌ، وحان وقتُ استقبال سقوطٍ جديد، لينتعشَ الميتَ وينهض، ويعاود تكرار الخطأ ليعودَ إلى قبره، ويقابلَ نفسهُ بعد عامٍ آخر، يحاسبها على آثامِ جديدة، ويلعنها على غفلةِ الحديثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!