✍️ يوحنا عزمي
يرى فلاسفة العبث أن المنطق ليس هو ما يحكم العالم، ولكن العبث أو الصدفة الخالية من أي قواعد.. أحيانا يتولد الوضع العبثي من وضع منطقي.. خذ عندك مثلاً الحالة الصحية للرئيس الأمريكي جو بايدن.. إن هذا الرجل يحكم أقوى دولة في العالم عسكرياً واقتصاديا..
لقد جاء إلى السلطة وفق تصرف منطقي وهو الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. انتخبه الناخبون وفق الدستور وهذا وضع منطقي لكنه يعاني من نوع من خرف الشيخوخة ورغم هذا يستمر في الحكم وهذا وضع عبثي، وما دام هذا الوضع موجود في أكبر دولة تتدخل في شئون العالم فإن العبث يحكم العالم..
لم يكن الخلط الذي وقع فيه الرئيس بايدن بخصوص مصر هو الأول من نوعه ولن يكون الأخير، ومن الواضح أنه لن يكون الأخير.. والمفارقة أنه وقع في هذا الخلط في نفس المؤتمر الصحفي الذي كان يدافع فيه عن حالته الصحية ويؤكد أنه مازال صالحاً لحكم أمريكا، كان من الواضح أن مشكلة الحدود مع المكسيك كانت تضغط على ذاكرته وهو يتحدث عن الوضع في غزة فخلط بين رئيس مصر الرئيس عبد الفتاح السيسي وبين رئيس المكسيك، ثم واصل الخرف قائلاً أن مصر لم تكن تريد فتح الحدود وأنه ضغط لتغيير ذلك، والحقيقة أن مصر أغلقت الحدود أمام الأمريكيين الراغبين في مغادرة قطاع غزة بالفعل رداً علي رفض إسرائيل لدخول المساعدات الإنسانية، وإن بايدن أتصل بالرئيس السيسي بالفعل والذي اشترط دخول المساعدات المصرية لغزة نظير السماح بخروج الأمريكيين من غزة عبر معبر رفح..
بحسب تقرير لـ (بي بي سي) فإن حالة الخرف والخلط في الأسماء لدى الرئيس الأمريكي بدأت في التفاقم منذ ٢٠٢١ فقد نسي إسم رئيس وزراء أستراليا أثناء مؤتمر صحفي مشترك بينهما، وبدلاً من أن يشير لضيفه باسمه وصفته أشار إليه قائلاً: ( هذا الرجل من أستراليا ) اتفق معي على كذا وكذا..
وبينما كان يتحدث عن الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية في العالم داهمه الخرف مرة أخرى ليقول إن (كوريا الشمالية ) من أكبر حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية وقد كان بالطبع يقصد كوريا الجنوبية لا كوريا الشمالية صاحبة الزر النووي الشهير..
وبينما كان يتحدث عن حلف الناتو الشهير أراد أن يشير للسويد وهي دولة عضو في الحلف، لكنه أشار لسويسرا بدلاً من السويد ليقع الحضور في حيرة ويتساءلوا هل انضمت سويسرا المحايدة لحلف الناتو بعد كل هذه السنين.. وعندما نبه مساعدوا بايدن الرئيس للخلط الذي وقع فيه تدارك الأمر قائلا (سويسرا يا إلهي لقد تحمست لتوسيع الناتو ..! كنت اقصد السويد ).
وكانت آخر وقائع الخلط بين المعلومات هي استبدال بايدن لاسم الرئيس الفرنسي الحالي ايمانويل ماكرون بالرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران الذي رحل عن عالمنا منذ ١٩٩٦، وسيراً علي نفس النهج قال في مؤتمر آخر أنه اتصل بالمستشار الألماني هيلموت كول والذي رحل منذ سنوات بدلاً من المستشارة أنجيلا ميركل..
الخلط الأخير الذي وقع فيه بايدن آثار موجة كبيرة من الانتقادات بين الأمريكيين وقال (فرانك لونتز) خبير استطلاعات الرأي أنه بعد صدور تقرير عن إهمال بايدن للتقارير السرية التي ترفعها له المؤسسات، وتدهور ذاكرته لدرجة أنه لا يستطيع تذكر تاريخ وفاة نجله، فإنه سيكون من الصعب على الديمقراطيين الدفاع عن إستمرار هذا الرجل كرئيس للولايات المتحدة..
لقد دافع أحد الديمقراطيين عن بايدن قائلًا أنه مجرد رجل كبير ويعاني من النسيان… ليرد عليه آخرون أن هذا النسيان يهدد إستقرار أربعمائة مليون أمريكي.. والحقيقة المرة أنه يهدد استقرار العالم كله مادامت أمريكا تصمم على أن تتدخل في شئون العالم عموماً والشرق الأوسط خصوصاً إنها فعلا حالة عبثية متولدة عن إجراءات منطقية.