مقالات

كيف استثمرت المخابرات الأمريكية طوفان الأقصى لإدخال مصر في شراكها

✍️ يوحنا عزمي

تصاعد سريع في الأحداث في غزة ينذر بصدام عسكري وشيك بين مصر وإسرائيل لأول مرة منذ خمسين عاما فهل وصلت الحرب لمرحلة اللاعودة مع بدء اقتحام القوات الإسرائيلية لمدينة رفح الحدودية مع مصر وتهديد السيسي الصريح بتعليق اتفاقية السلام؟

وهل جر مصر لهذه الحرب كان الهدف منذ اليوم الأول لأحداث ٧ أكتوبر؟

لعبة السياسة كلعبة الشطرنج في أمرين

* الأول يجب طول الوقت أن تفكر بشكل عكسي، كيف يفكر خصمك ؟ وماذا يريد منك ؟ وما هي أساليبه المعتادة ؟

* الأمر الثاني لا يهم أن تفكر في الخطوة الأولي ولا الثانية ولكن الأهم الخطوات المتقدمة وأن تكون وفق رؤية إستراتيجية حتي لو كانت تتضمن خطوات أولى تكتيكية!

يعني إيه الكلام ده، يعني طبق الكلام ده على المشهد الحالي علي طوفان الأقصى وحاول معي نستقرأ إلى أين نحن ذاهبون..

– كيف تتحرك الآلة الأمريكية (كسب الرأي العام يعني كسب الحرب).. في قراءة لتاريخ حروب الولايات المتحدة تكتشف كيف تتبع واشنطن خلال معاركها “سيناريو الاستثمار” أو حتى “سيناريو التدبير” لتبرير حملاتها العسكرية لضرب الدول المستهدفة..

بمعنى إن الولايات المتحدة خططت بالفعل لأحداث مدبرة مسبقا أو عمليات إرهابية في أنحاء العالم لتوفير مبرر لتدخلها العسكري لضرب الدول المستهدفة..

وهو الأسلوب الذي كشفت عنه الوثائق التي أفرج عنها أرشيف الأمن القومي الأمريكي في (نوفمبر 1998) تحت عنوان “عملية نورث وود” (مرفق الوثيقة) وهي خطة أمريكية وضعت عام ١٩٦٢ لارتكاب أعمال إرهابية مثل إسقاط طائرة، أو إغراق سفينة، أو ضرب مصالح أمريكية بمعرفة عملاء C.I.A، ثم إلقاء اللوم على الدولة المستهدفة (كانت كوبا حينها) لتبرير التدخل العسكري ضد كاسترو، وإسقاط نظامه الموالي للشيوعيين في موسكو حينها وبعدها كل التحركات الأمريكية في العالم ارتبطت بهذا الأسلوب، من فضائح حرب فيتنام، وادعاءات النووي الذي تسبب في غزو العراق، إلى الشبهات التي تدور حول تفجيرات 11 سبتمبر التي يعتبرها البعض واحدة من أكبر الخدع التي تورطت فيها أمريكا ضد نفسها لتبرير ما بدأته في أفغانستان 2001 ثم العراق ٢٠٠٣ إلى استفزاز روسيا بنصب صواريخ وأسلحة في شرق أوكرانيا من شأنها تقويض قدرة روسيا في الدفاع عن نفسها وتهديد أمنها القومي حتى تتحرك ثم ادعاء أن روسيا لديها أطماع في غزو أوروبا لتوريطها في حرب بالوكالة على المسرح الأوكراني بهدف استنزاف الدولة الروسية وانهاكها اقتصاديا وعسكريا.

ومؤخرا نفس الشبهات تدور حول أحداث ٧ أكتوبر أو عملية طوفان الأقصى بعد نشر عدة تقارير تحدثت أن إسرائيل كانت تعلم بهذه العملية بشكل استباقي ولم تحاول منعها؟

وهو يدعونا للتساؤل حول كيفية تصنيع أو استخدام أحداث أو ظروف معينة بسيناريو الاستثمار أو التدبير للتهيئة رأى عام يبرر للولايات المتحدة تدمير الدول المستهدفة.

خلال السنوات السابقة كشفت الكثير من الكتب والمقالات الغربية أن الإدارة الأمريكية تتلاعب بالرأى العام العالمى من خلال شبكات تضليل معظمها لشركات تسويق إعلامية خاصة ترتبط مع المخابرات المركزية والبنتاغون بعقود سرية، وبعد 11 سبتمبر نشطت تلك الشبكات لدرجة إنشاء البنتاجون مكتب يسمى المخططات الخاصة وطلب رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق من خبير الحرب النفسية مايكل ديفر أن يسعى في هذا الاتجاه في ضرورة الربط بين الإستراتيجية العسكرية والتغطية الإعلامية، لأن “كسب الرأي العام هو كسب الحرب” حسب تعبيره.

وهو ما تم تنفيذه بالظبط حينما دشنت الآلة الإعلامية والمخابراتية الأمريكية حملة لعدة سنوات قبل الغزو الأمريكي للعراق عن وجود أسلحة نووية لدى نظام صدام حسين، ونجحت تلك الحملة في إقناع المجتمع الدولي وجزء كبير من العالم العربي بأن هناك أسلحة دمار شامل داخل العراق والتي تمثل خطرا على العالم.

وقامت الحرب على مشروع افتراضي وصل إلى درجة من التصديق جعلته حقيقة، وبعد سنوات افتضح أمره بعد الحرب تاركة العراق خرابا مقسمة، فريسة للطائفية بعد أن كانت دولة قوية متماسكة اقتصادها قوي وجيشها ضخم.

ومن دور السي إن إن خلال حرب الخليج وغزو العراق إلى نفس الدور الذي لعبه الإعلام الدولي لشيطنة بوتين ووصفه بالإمبراطور الغارق في أحلام الغزو ويشكل أكبر تهديد وجودي لأوروبا لتنجح في تمرير العقوبات الغربية على روسيا وحشد الرأي العام الأوروبي لدعم أوكرانيا عسكريا لمواجهته وجعله غارق في المستنقع الأوكراني.

كل تلك الأحداث يجب أن تطرح سؤالا هل كانت عملية طوفان الأقصى ١١ سبتمبر فلسطينية؟

بلا شك ما حدث يوم ٧ أكتوبر من الهجوم المنظم على مستوطنات غلاف غزة ونوعية الأسلحة المستخدمة وحجمها ما كان لها أن تتم دون دعم خارجي وكل الأصابع تتجه إلى إيران.

وتحدثت عشرات الكتب والوثائق عن التنسيق السري بين المخابرات الإيرانية والأمريكية رغم العداء في العلن لتحقيق هدف مشترك للطرفين وهو تدمير الدول العربية وهو الدور الذي لعبته إيران باقتدار أفضل من إسرائيل في العراق وسوريا واليمن ولبنان.

فهل دفعت المخابرات الأمريكية إيران لتدفع حماس للقيام بطوفان الأقصى؟

بغض النظر عن الإجابة التي ستكشفها الأيام فإن طوفان الأقصى سواء كان مدبر أو تم السماح بحدوثه واستثماره إلا إنه الأكيد أن الأيام السابقة كشفت إنه فتح الباب لتحرك إسرائيلي أمريكي له أهداف أبعد بكثير من القضاء علي حركة حماس أو استعادة الأسرى أو حتى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

فالقضاء على حركة حماس هو هدف غير قابل للتحقق بشهادة الأمريكان والإسرائيليين أنفسهم لو استمرت الحرب ١٠٠ عام واستعادة الأسرى كان ممكن أن يحدث باتفاق هدنة وتبادل كما حدث في هدنة الأيام السبعة.

والتهجير لسيناء واضح للجميع إنه خط أحمر مصري لا يقبل المساومة ودونه الحرب، ما يعني أن تلك الأسباب كانت مجرد ذرائع وحجج لتحقيق هدف آخر أكبر من الحرب الجارية الآن تماما مثلما كان نووي صدام ذريعة لغزو العراق و أحداث ١١ سبتمبر ذريعة لغزو أفغانستان.

إذن ما هو الهدف الحقيقي؟

هذا ما سنحاول استكشافه معا في المقالة القادمة.

Related Articles

Back to top button
error: Content is protected !!