سامح بسيوني
سبحانك اللهم خلقت الحب والنوى، وبقدرتك هديت من هدى، وكتبت الضلال على من غوى، وبقدرتك سرت بعبدك ليلًا ونفيت عنه الهوى، وعصمته من الضلال والغوي، وحدثته عن قوى.
عندما اضطُهد الحبيب من أهل الأرض، ورُمى بالأحجار في الطائف، ووُضع التراب على رأسه الشريفة بمكة، أراد الله عز وجل أن يمسح حزن حبيبه أحمد، جاء له الأمين جبريل في ليلة اشتد بها الكرب، وشكا إلى ربه يعترف بالضعف وقلة الحيلة والهوان على الناس.
فجيء بالبراق فحمل جبريل عليها الأمين بعطف وحنان، بعد قسوة الأيام وظلم الإنسان.
وانطلقت مسرعة تسير كالبرق، فتخطف الأبصار من أطهر بقعة في الأرض، وأول بيت وضع للناس، إلى قبلة الكون الأولى للزمان والمكان، فهي النقطة الفاصلة بين الحق والضلال، والشجاعة والإقدام، وبين التولي عند الأدبار.
فصلى في الأقصي إمام بالمرسلين، ثم تزينت السماء الدنيا بمصابيح إكرامًا للحبيب، ويطلعه على سر من أسرار الغيب ويرى من أسرار الكون؛ فيزداد إيمانًا بمبدع الكون وخالق الجبال.
ويعرج إلى الأولى فإذا بالأب آدم ينتظره على شوق، ويرحب به في الحال..
مرحبًا بالابن والنبي الصالح، وفي الثانية كان اللقاء بكلمة الله عيسى عليه السلام، وفي الثالثة بمن أخذ شطر الجمال يوسف بن يعقوب عليهما السلام، والرابعة بمن أول من خط بالقلم في الحال، وفي الخامسة بمن كان عضدًا لكليم الله، وفي السادسة لمن نجا من قهر فرعون وشق له البحر بقدرة العدنان، وفي السابعة التقي بالخليل الرحمن التي جعلت له النار بردًا وسلامًا فلم يصبه الإحراق.
وعندئذ جني من الجبار عند سدرة المنتهى عند جنة المأوي، ففرضت عليه أفضل العبادات، ورأى من آيات الله ما رأى، فكان خير إكرامًا وإجلالًا.
وكانت الجائزة من الرحمن لحبيبه العدنان، بأن الله لن يخزيه في أمته؛ حبًا وكرمًا لحبيبه المصطفي خير الأنام.
وعند البيت المعمور، فوق الكعبة المشرفة، انتهت الرحلة، وعاد الحبيب إلى الأقصى حيث البراق ثم إلى البيت العتيق؛ ليعلم الناس أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده المؤمنين الصامدين الذين لا يضرهم من خالفهم أو خاذلهم، فالله الله الله..