مقالات

مرافعة مصر التاريخية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية

✍️ يوحنا عزمي

يمكن تشبيه العلاقة بين مصر وإسرائيل بالصراع الدرامي متعدد الحلقات والمراحل ، مصر اكبر دول المنطقة العربية ، وأساس وجود الشرق الأوسط منذ آلاف السنين .. ثقل تاريخي وحضاري وعسكري لا يمكن تجاهله ولا التقليل منه ، وإسرائيل دولة أسسها يهود غربيون في ظرف عالمي مضطرب وعقب حرب عالمية نسب فيها للطرف المهزوم أنه كان يريد إبادة اليهود من العالم بسبب اعتقاده أنهم أساس كل الشرور … صراع له مراحل متعددة حرباً وسلاماً صراع يدور بكل اللغات، الخشنة ، والناعمة ، الحادة ، والباردة ، الصامتة ، والصاخبة ، القانونية في ساحات المحاكم ، والعسكرية في ساحات الحرب ..

ولاشك ان مرافعة مصر التاريخية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية كانت جولة مهمة من جولات هذا الصراع الذي لا يهدف سوى لإقرار الحق وإيقاف العدوان سجلت مصر رسائلها للعالم من خلال مرافعة د.ياسمين موسى ممثلة مصر أمام المحكمة ، وكانت أول هذه الرسائل ان استقرار الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بدولة فلسطينية ..

والحقيقة ان سياسات الحكومات الإسرائيلية اليمنية والمتطرفة الاستيطانية لا تعارض فقط تأسيس الدولة الفلسطينية لكنها تملأ الأراضي المحتلة بالمستوطنات والتوسع غير القانوني والمخالف للقانون الدولي ، وقد كانت هذه ثاني رسائل مرافعة مصر أمام محكمة العدل الدولية ، وكأن مصر تقول ان ما يجعل بعض الفلسطينيين يشعرون باليأس هو السعي الإسرائيلي الدائم لتغيير الواقع في الأراضي المحتلة ، وتغيير الحقائق الديموجرافية في الأراضي المحتلة ، وطرد السكان الفلسطينين منها واستبدالهم بمستوطنين يهود لم يولدوا في فلسطين ، وهو ما وصفته مصر
“بزيادة الهيمنة اليهودية بشكل ممنهج”..

في كلمتها ذكرت مصر العالم ان الإحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة هو في الأساس غير قانوني ، ومخالف لقرارت الأمم المتحدة خاصة القرار ٤٤٢، وأنه ليس سوى امتداد لسياسات الاستعمار القديم التي هجرها العالم واقلع عنها منذ منتصف القرن الماضي ، وقالت مصر ان إستمرار الإحتلال كل هذه السنوات ليس سوى تحد لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ..

كذبت مصر ايضاً ادعاء إسرائيل بأن عدوانها على غزة هو دفاع عن النفس ، وقالت أنه ليس سوى جريمة إبادة جماعية في حق ما يقرب من اثنين ونصف مليون فلسطيني من سكان غزة ، ودللت على ذلك بإعداد الضحايا المهولة والتي بلغت تسعة وعشرين الف ونصف شهيد ، فضلاً عن عشرات الآلاف من القتلى خلال أسابيع متتالية من العدوان .. وإلى جانب تحدي الأمم المتحدة ، واتباع سياسات استعمارية وارتكاب جرائم إبادة جماعية ..

اتهمت مصر إسرائيل بانتهاك حق تقرير المصير وهو مبدأ عالمي اقرت به الأمم المتحدة منذ كانت تحمل اسم عصبة الأمم ، ونالت وفقه كثير من شعوب العالم حقوقها في تقرير مصائرها .. لكن إسرائيل تحرم الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وتمارس ضده سياسات الفصل والتمييز العنصري ، فضلاً عن انتهاكات اخرى مثل مصادرة أراضي الفلسطينين لحساب المستوطنين ، والاعتقال القسري للاهالي الذين يحتجون على مصادرة أراضيهم ، وهو ما ينتج عنه حالة دائمة من الصدام في الأراضي المحتلة قالت مصر انها لن تنتهي الا بتطبيق القانون الدولي وحصول الفلسطينين علي الحق في دولة مستقلة .. وهو ما ينهي سياسات العقاب الجماعي التي تمارس ضدهم منذ ٧٥ عاماً تم تتويجها بالعدوان علي غزة وإرتكاب المجازر الجماعية في حق أهلها ، ومنع دخول المساعدات الإنسانية باستخدام القوة الجبرية ، فضلاً عن التخطيط لاقتحام رفح اخر المدن الغزاوية التي لجأ لها الأهالي هربا من المجازر الإسرائيلية .. لقد سجلت مصر رأيها كاملاً في سياسات إسرائيل وعدوانها أمام العالم ، وقالت كلمتها للتاريخ ليس فقط تسجيلاً لموقف ولكن تنبيهاً للعالم لتبعات هذه الجرائم المستمرة والانتهاكات المتتالية ، والاستفزازات المتكررة ، التي ترصدها مصر جميعاً ولسان حالها يقول .. للصبر حدود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!