إسماعيل السيد
جلست قُرب جدي، بسحنته الداكنة مثل تاريخ الحزن في العالم، بالشيب الذي يُغطى الجزء الخلفي من شعره، بينما المُقدمة تبتلعها القبعة، ممسكًا عصا خشبية كرجل ثالثة، أو يد ثالثة لا تُجيد الانفلات.
قال: تخيل أنك تجلس في مقهى،
تتبادل الحديث معها، فنجان القهوة كما تريد قطرات المطر تسيطر على النوافذ، لا يوجد هناك ما تفعله سوى الإستمتاع بها.
نظر إلى إمرأة مسنة، إلى المسبحة بين يديها، إلى التجاعيد، اضطربت هي.
تنهد هو و قال بلهجة سمراء مُشبعة بذاكرة حرب وثورة ومنافي قديمة:
تشبهين إمرأة ما كانت ممتلئة بالصباحات.
توترت المرأة المسنة مثله،
واصل كانت تعمل في حياكة القبعات، وممرضة في أوقات الحرب، وفي السلم، تُربي القمح في الحقل، كانت تضحك مثلك تمامًا.
ولو أن الحرب لم تحدث، ولو أن أطفال الحقل لم يُدعسو، ولو أن المنفى لم يغزو بطاقاتنا لكانت بعمرك الآن، بتجاعيدك ربما حتى باضطرابك.
وقفت المرأة المسنةوقالت: أنا أيضًا كنت أملك رجل يشبهك تمامًا، كان يعمل شاعر وفي أوقات فراغه، يعمل بائع أفراح
أو مغازل بلا أجر، لكن كما قلت حدثت الحرب.
كنت أراقب الغروب على مقعد ليس ببعيد، وحين خلعت الشمس ثوبها الذهبي، سحبت جدي وجدتي؛ ليكملا تعارفهما في البيت.