ابداعاتخواطر

أسير الظلام

إسماعيل السيد 

 

في هذا العالم كثير من المرح،

طفل يؤمن بأنه سيكبر ليدخن كوالده،

رصاصة عاطلة عن الخزانة،

كتاب دين في غُرفة سجين 

مكواة تُراقب قميص على موعد مع عناق 

غدًا، الذي تأخر عن القطار أو خُطف،

في هذا العالم كثير من المرح،

كُتب تخبرنا كيف نجني المال؟

وأخرى عن الحب،

كثير من الكتب قليل من الموت،

لكنني لم أعد أتعامل مع المرح بعفوية كما كنت،

لا أُطيق النكات المُضحكة،

أحتاج إلى البكاء أكثر، 

لقد قطعت ملايين الكيلومترات فقط؛ لأبكي،

أريد أن أبكي على الوطن،

لا بسببه،

أريد أن أبكي شوقًا لفتاة ما، وليس وأنا أجثو على أرجلها،

مخافة الانفلات،

لكنني أنزلق الآن عن التلال، أختلق الكثير من الاشخاص والنساء والكُتب التي لم تكتب، 

اُشارك القمل قضم الاماكن الممنوعة للصغار،

أتحول لدود،

وأنحشر في مُحادثات النافذة مع رياح الواحدة ليلًا

أسمع وقع الصباح أسودًا،

يسير على الأغصان 

أنام على جانب السرير موقنًا بأنكِ ستأتي،

أكتم فم الوسادة بمواد لاصقة؛ لكي لا تسعل نساء غيرك، عبرن في ذات حُزن من هنا،

أنه عالم مرح،

به الكثير من الموت،

مثل شطرنج، أو لعبة بغيضة عن النجاة،

أليست المأساة مرح غير مُعرف؟

 

أظنني أشبه الجندي الذي يحرق حديقة في النهار، وفي الليل يغمض عينيه وهو يدخن،

يحلم برمال قريته،

أن الجمال الذي لا يمد لذاكرتنا بشهوة، لا يعد جمال،

أقول ذلك ربما؛

لأن قلوب جميع النساء اللواتي عبرنا من هنا،

كانو باردات.

 

وأنا أخشى الموت،

أخشى في الموت، الضيق والبرد والأسئلة،

أفكر في هذا الإتساع الذي يبتلعنا يوميًا، في هذه الإرادة الشرسة لليقظة، وللقيام بكل تلك الأشياء الغبية،

في القتال لأجل موت أقل جوعًا

أيستحق الأمر كل ذلك النزف؟

 

هذه الشوارع الماكرة لا تنسى أن تذكرني يوميًا بأنني دخيل؛

لأن جدرانها 

لم تعرف لدموعي ملح،

وأرضيتها لم تضبطني في تمام الصراخ بقصيدة،

وهذا الليل،

يصطدم بي دون أن يعتذر 

وكأنني ظل، أو شجرة، أو كلمة لم تخرج بعد،

لكنني سأنجو،

لأحرص أن لا يفوتني المرح،

والانتحارات اليومية في الابتسامات التي نتدرب عليها، بالطُرفات الحامضة،

الأبواب تتذمر من صغار الأحزان التي تطرقها بالكرات،

لكنني لا أعير الجرح 

انتباه،

فالنزف كان دائمًا سيئًا في إختلاق الحديث،

فأنا اُراجع أعضائي في صمتها الأزرق، إن نجت،

فبالأمس الذي ليس بقريب،

كان ينبغي أن أخرج وأنا أسير صارخًا،

أنظرو لي فم

يستحق أن يقضم،

بالأمس الذي ليس بحزين،

قطعوه،

وأطعموه للنشرة الواحد سُترًا،

بالأمس الذي ليس بوحيد،

أخرجت أصبعي الأوسط وقلت:

انظروا أنه لا يملك فم، 

لكنه يستحق أن يقضم أيضًا 

لم يقطعوه 

خبئته الورقة، بقصيدة طويلة عن الموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!